Awail Kharif
أوائل الخريف: قصة سيدة راقية
Genres
الفصل الثامن
1
لم تكن وفاة هوراس بينتلاند حدثا يمكن أن يبقى طي الكتمان بإجراء بسيط كإقامة جنازة كانت شبه سرية؛ إذ تسربت أخبارها وتناثرت هنا وهناك على ألسنة السيدات المتلهفات لنبش فضيحة قديمة لعائلة بينتلاند انتقاما من العمة كاسي، الناشر الرئيسي لأخبار المصائب في المجتمع المحلي. ونفذ الخبر أخيرا إلى داخل مكتب صحيفة ترانسكربت، التي أرسلت طلبا بنشر نعي للرجل المتوفى؛ لأنه على أي حال كان فردا من أفراد أحد أكثر عائلات بوسطن مدعاة للفخر. ثم، فجأة وبدون سابق إنذار، ظهر شبح هوراس بينتلاند مرة أخرى في أكثر البقاع قلقا وارتباكا؛ ألا وهو منزل «بروك كوتيدج».
رافق الشبح سابين في ممر السيارات الطويل صباح أحد الأيام الحارة بينما كانت أوليفيا جالسة تستمع إلى العمة كاسي. لاحظت أوليفيا أن سابين كانت تقترب منهما بسرعة غير معتادة، وأن كل مظاهر الكسل المألوفة كانت قد اختفت. وحين بلغت حافة الشرفة، صاحت وفي عينيها نظرة إشراق: «لدي أخبار ... عن ابن العم هوراس.»
كانت مستمتعة جدا باللحظة الحاضرة، ولا بد أن رؤيتها في حالة استمتاع تسببت في اضطراب العمة كاسي، التي كانت تعرفها جيدا. أخذت وقتها قبل أن تفصح عن الخبر، فاستفسرت أولا عن صحة العمة كاسي، واتخذت جلستها على أحد الكراسي الخيزران. كانت تعرف كيف تتفنن في تعذيب السيدة العجوز لأقصى درجة، والآن تمهلت لتستخلص التأثير الذي أحدثه إعلانها عن هذا الخبر حتى آخر قطرة. ولم يكن يمكن لأي شيء أن يستعجلها حتى ولو كان هذا الشيء هو التعبير الذي كسا وجه العمة كاسي رغما عنها عندما ذكر اسم هوراس بينتلاند؛ كان أشبه بالتعبير الذي يعلو وجه من يجد نفسه محاصرا برائحة نتنة ويعجز عن الفرار.
وأخيرا، وبعد أن أشعلت سيجارة وحركت كرسيها بعيدا عن أشعة الشمس، أعلنت سابين بنبرة خالية من المشاعر: «لقد ترك ابن العم هوراس لي كل ما يملك.»
علت وجه العمة كاسي نظرة ارتياح شديد، نظرة كانت تقول: «أف! أف! أهذا كل ما في الأمر؟» ضحكت - كانت ضحكتها أقرب إلى ضحكة مكبوتة، يشوبها الاستهزاء - وقالت: «أهذا كل ما في الأمر؟ أظن أن ما تركه لا يجعلك وريثة عظيمة الثراء.» (قالت أوليفيا في نفسها: «ما كان ينبغي للعمة كاسي أن تمنح سابين فرصه كهذه؛ فقد قالت لتوها ما أرادت سابين منها أن تقوله.»)
ردت سابين عليها قائلة: «ولكنك مخطئة في هذا يا عمة كاسي. لم يترك لي مالا؛ وإنما ترك أثاثا ... أثاثا وتحفا فنية ... وهي مجموعة رائعة. لقد رأيتها بأم عيني عندما زرته في مدينة منتون الفرنسية.» «ما كان ينبغي لك أن تذهبي ... لقد فقدت قطعا أي حس أخلاقي يا سابين. لقد نسيت كل ما علمتك إياه في صغرك.»
تجاهلتها سابين. وأردفت قائلة: «حسنا، كان متيما بهذه الأشياء، وأمضى عشرين عاما من حياته في جمعها.» «على الأرجح لا تبدو ذات قيمة كبيرة ... بالمال القليل الذي كان هوراس بينتلاند يملكه ... فلم يكن يملك إلا ما كنا نعطيه له ليعيش به.»
ابتسمت سابين مرة أخرى، مستهزئة، ربما لأن الخلاف مع العمة كاسي حقق نجاحا باهرا. إذ تابعت حديثها قائلة: «أنت مخطئة مرة أخرى يا عمة كاسي ... إنها ذات قيمة كبيرة جدا ... أكثر بكثير مما دفعه فيها؛ لأنها أشياء من مجموعته لا يمكنك شراؤها من أي مكان مقابل أي مبلغ من المال. فقد أخذ يبادل القطع ويقايضها إلى أن صارت مجموعته أقرب إلى الكمال.» توقفت عن الحديث لدقيقة، لتسمح للسكين أن يستقر في الجرح. ثم أردفت قائلة: «إنها مجموعة ذات قيمة هائلة. أنا أعرفها لأنني اعتدت زيارة ابن العم هوراس كل شتاء عندما كنت أسافر إلى روما. أعرف عنه أكثر من أي منكم. كان رجلا يتمتع بذوق مثالي في تلك الأشياء. كان يعرف حقا.»
Unknown page