69

Awail Kharif

أوائل الخريف: قصة سيدة راقية

Genres

كان من الحظ السعيد جدا، حسب قولها، أن الأسقف سمولوود، ابن عم آل بينتلاند وسابين (والذي تطلق عليه سابين «أسقف الطبقة الأرستقراطية») كان لا يزال موجودا في الحي وبإمكانه أن يقيم قداس الجنازة. فمن الأصول أن يدفن سليل عائلة بينتلاند على يد واحد تسري في عروقه دماء آل بينتلاند (كما لو أن أي شخص آخر لا يستحق أن ينال هذا الشرف). وذهبت لمقابلة الأسقف لتناقش معه مسألة إقامة القداس. وخططت لتلك النقطة المعقدة جدا المتعلقة بترتيب مقاعد جلوس الأقارب والمعارف - جميع أفراد آل كين وآل سترازرس وآل مانرينج وآل ساذرلاند وآل بينتلاند - في الكنيسة. وزارت سابين لتقول لها إنه أيا كانت مشاعرها تجاه الجنازات، فمن واجبها أن تحضر هذه الجنازة بالذات. يجب أن تتذكر سابين أنها عادت مرة أخرى إلى عالم الأناس المتحضرين الذين يتصرفون كما يليق بالسادة والسيدات المحترمين. وأسرت لكل زائر من الزوار الذين استقبلتهم في غرفة الاستقبال المعتمة بحقيقة أن سابين قطعا مخلوقة قاسية وعديمة الشعور؛ لأنها حتى لم تكلف نفسها بزيارة منزل عائلة بينتلاند.

إلا أنها لم تكن تعرف ما كانت أوليفيا وجون بينتلاند يعرفانه؛ وهو أن سابين كانت قد أرسلت رسالة موجزة وسريعة وغير مترابطة تقريبا، تفتقر إلى عبارات الورع البالية والمعهودة في مثل هذه المناسبات، رسالة كانت تعني لهما أكثر مما يعنيه البكاء والتهامس والفوضى التي حدثت في الطابق السفلي؛ حيث توافد على المنزل أهل الريف بأكمله ذهابا وإيابا في موكب متواصل لا ينتهي.

وعندما لم تكن تجد الآنسة بيفي بالقرب منها لتنجز لها المهام، كانت تتخذ من آنسون مرسالا لها ... آنسون، الذي أخذ يهيم على وجهه عاجزا وتائها ومضطربا لأن الموت قد عرقل انسياب حياة سلسة خالية من الأحداث، يحدث فيها كل شيء وفقا لخطة محددة. كان الموت قد أربك جميع أفراد المنزل. كان من المستحيل معرفة شعور آنسون بينتلاند حيال موت ابنه. فلم يتحدث مطلقا، وبعدما تأجل تأليف كتاب «عائلة بينتلاند ومستعمرة خليج ماساتشوستس» وسط كل هذا الاضطراب وطمر مكتب السيد لويل تحت باقات الزهور المرسلة للتعزية، لم يكن لديه ما يفعله سوى التسكع ليعترض طريق كل شخص يقابله ويستجلب لنفسه التوبيخات اللاذعة من العمة كاسي.

كانت العمة كاسي وآنسون هما من فتحا صندوق الورود الكبير الذي أرسله أوهارا. فتحت العمة كاسي بيدها النحيفة ذات العروق الزرقاء البارزة المظروف المرفق والموجه بصريح العبارة إلى «السيدة آنسون بينتلاند». كانت العمة كاسي هي من أرغمت آنسون على قراءة ما كان مكتوبا بداخله:

عزيزتي السيدة آنسون،

تعرفين ما أشعر به. لا حاجة لقول المزيد.

مايكل أوهارا

علقت العمة كاسي قائلة: «الوقح! ولماذا يرسل زهورا من الأساس؟» وأخذت العمة كاسي تقرأ الرسالة مرارا وتكرارا، كما لو أنها ربما تجد بطريقة أو أخرى معنى مستترا وراء العبارتين المبهمتين. وكانت العمة كاسي هي من حملت الرسالة إلى أوليفيا وراقبتها وهي تقرؤها وتنحيها جانبا بهدوء فوق التسريحة. وعندما عجزت عن اكتشاف أي شيء قالت لأوليفيا: «يبدو لي أنه من الوقاحة أن يرسل زهورا ويكتب مثل هذه الرسالة. ما صلته بنا هنا في منزل عائلة بينتلاند؟»

نظرت إليها أوليفيا ببعض الإرهاق وقالت: «وما الذي يهم إن كان وقحا أو غير ذلك؟ علاوة على ذلك، كان صديقا رائعا لجاك.» ثم عدلت وضعية جسدها المرهق، ونظرت إلى العمة كاسي وقالت بنبرة متأنية: «كما أنه صديق لي.»

كانت هذه هي المرة الأولى التي ينكشف فيها انقسام القوى، حتى ولو لثانية واحدة، المرة الأولى التي تظهر فيها أوليفيا أي مشاعر تجاه أوهارا، وكان ثمة شيء منذر بالسوء في النبرة الهادئة التي نطقت بها العبارة على نحو عابر جدا. وأنهت أي نقاش محتمل بمغادرة الغرفة بحثا عن آنسون، تاركة العمة كاسي منزعجة جراء الإحساس الوجل الذي باغتها حين وجدت نفسها فجأة في مواجهة الهدوء الغامض والخطر الذي كان أحيانا يسيطر على أوليفيا. وعندما وجدت نفسها بمفردها في الغرفة، رفعت الرسالة مرة أخرى من فوق التسريحة وقرأتها بتمحيص للمرة العشرين. لم يكن فيها أي شيء ... لا شيء يمكن أن يلصق به المرء على نحو مقبول أي شبهات.

Unknown page