120

Awail Kharif

أوائل الخريف: قصة سيدة راقية

Genres

ردت أوليفيا: «كلا. أظن أنك محق ... ربما.» ظلت تفكر في القصة المأساوية الطويلة لجون بينتلاند، ولآنسون، اللذين شعرا دوما بالخجل من الحب وتعاملا معه على أنه شيء مقيت. في نظرهما، كان شيئا كئيبا وغريبا دائما ما يشوبه الخزي. ظلت تفكر، على الرغم من أي شيء يمكن أن تفعله، في محاولات آنسون الخرقاء المتكلفة لممارسة الحب، وغمرها فجأة شعور بالخزي من أجله. كان آنسون، الفخور والمتغطرس جدا، بائسا، وأدنى حتى من سائسه.

ثم سألته: «ولكن لماذا لم تتحدث معي بخصوص سيبيل في وقت أبكر من ذلك؟ لقد لاحظ الجميع الأمر، ولكنك لم تتحدث إلي مطلقا.»

للحظة لم يجبها. وغشي تعبير يشي بالألم عينيه الزرقاوين، ثم قال، وهو ينظر إليها مباشرة: «ليس من السهل توضيح السبب. كنت خائفا من أن آتي إليك خوفا من أنك قد لا تفهمين، وكلما طالت مدة وجودي هنا، أجلت الأمر أكثر لأن ... في الواقع، لأن هنا في دورهام، الأسلاف، والعائلة، وكل تلك الأمور، تبدو محور كل شيء. يبدو أنه يوجد دوما تساؤل حول عائلة المرء. لا اهتمام سوى بالماضي، ولا اهتمام بالمستقبل على الإطلاق. كذلك، ما أريد قوله، إنني، نوعا ما ... لا أملك عائلة.» هز كتفيه العريضتين وكرر قوله: «نوعا ما، لا أملك عائلة على الإطلاق. ما أريد قوله، لم تتزوج والدتي أبدا من والدي ... وليس لي حق الانتساب إلى اسم دي سيون. أنا ... أنا ... في الواقع، مجرد لقيط، وبدا أن مجرد الحديث إلى أحد أفراد عائلة بينتلاند عن الارتباط بسيبيل أمرا ميئوسا منه.»

لاحظ أنها أجفلت، وانزعجت، ولكنه لم يكن بوسعه أن يعرف أن النظرة في عينيها لم يكن لها إلا علاقة ضئيلة جدا بالشعور بالصدمة مما كان قد قاله لها؛ بل كانت تفكر في أن معرفة ذلك من شأنها، في يد آنسون والعمة كاسي، بل وفي يد جون بينتلاند نفسه، أن تكون سلاحا رهيبا.

أخذ يتحدث مرة أخرى بنفس الجدية المفعمة بالحماس. «لن أجعل هذا يحدث أي فارق، ما دامت سيبيل ستقبل بي زوجا، ولكن، ما أريد قوله، من الصعب جدا أن أشرح، لأن الأمر ليس كما يبدو. أريدك أن تفهمي أن والدتي امرأة رائعة ... لن أكلف نفسي عناء التوضيح، أن أقول أي شيء ... فيما عدا لك أنت وسيبيل.» «لقد أخبرتني سابين بشأن والدتك.»

قال جان: «السيدة كاليندار تعرفها منذ فترة طويلة ... إنهما صديقتان رائعتان. وهي تتفهم الأمر.» «ولكنها لم تخبرني قط ... بذلك. هل تقصد أنها تعرف ذلك طوال الوقت؟» «هذا ليس أمرا يسهل الحديث عنه ... لا سيما هنا في دورهام، وفي تصوري أنها ظنت أنه قد يسبب لي المتاعب ... بعد أن لاحظت ما حدث بيني أنا وسيبيل.»

واصل حديثه بسرعة، ليخبرها بما كان قد أخبر به سيبيل عن قصة والدته، محاولا أن يجعلها تفهم ما فهمه هو، وسابين وحتى زوج أمه، الموقر المسن دي سيون ... محاولا شرح شيء هو نفسه كان يعرف أنه لا يمكن تفسيره. أخبرها بأن والدته رفضت الزواج من عشيقها، «لأن في حياته خارج إطار علاقتهما ... الحياة التي لم يكن لها علاقة بها ... اكتشفت أمورا لم يكن يمكنها أن تحتملها. رأت أنه كان من الأفضل ألا تتزوجه ... أفضل لها وله، والأهم من ذلك كله، أفضل لي ... لقد فعل أشياء من أجل النجاح - أشياء وضيعة وغير مشرفة - لم تستطع أن تغفرها ... ولذلك لم تكن لتتزوجه. والآن، عندما أسترجع ما حدث، أظن أنها كانت على حق. لم يحدث هذا فارقا كبيرا في حياتها. لقد عاشت بالخارج ... باعتبارها أرملة ، وكان عدد قليل جدا من الأشخاص - لا يزيد عددهم عن اثنين أو ثلاثة - يعرف الحقيقة. لم يخبر أحد مطلقا لأنه، نظرا لكونه سياسيا، كان يخشى من فضيحة كهذه. لم تكن ترغب في أن أنشأ تحت هذا التأثير، وأظن أنها كانت محقة. وواصل هو فعل أشياء وضيعة وغير مشرفة ... ولا يزال يفعلها اليوم. ما أريد قوله إنه سياسي ... سياسي وضيع جدا. إنه الآن عضو بمجلس الشيوخ ولم يتغير. يمكنني أن أخبرك باسمه ... أظن أن من شأن البعض أن يظنوه رجلا موقرا ... لكنني وعدتها ألا أفصح عن ذلك أبدا. هو يظن أنني ميت ... لقد جاء إليها ذات مرة وطلب أن يراني، وأن يساهم في تعليمي ومستقبلي. قال إن ثمة أشياء يمكن أن يفعلها من أجلي في أمريكا ... فأخبرته ببساطة بأنني توفيت ... بأنني قتلت في الحرب.»

أنهى حديثه بفورة حماس مفاجئة، وأشرق وجهه بالمحبة. وأردف قائلا: «ولكن يجب أن تعرفيها حقا لكي تفهمي ما أقوله. فعندما تعرفينها، ستفهمين كل شيء؛ لأنها واحدة من العظماء ... الأقوياء في العالم. في الواقع، إنه أحد الأمور التي يستحيل شرحها - لك أو حتى لسيبيل - يستحيل شرحها للآخرين. يجب أن يعرفها المرء بنفسه.»

إن كانت لديها في السابق أي شكوك أو مخاوف، أدركت الآن أنه فات أوان فعل شيء الآن؛ أدركت أنه من المستحيل تغيير إرادة عاشقين مثل جان وسيبيل. نوعا ما، باتت تفهم قصة والدة جان من مراقبته أكثر من الاستماع إلى شرحه المطول. لا بد أنها تتمتع بنفس ذلك الإصرار وتلك الرغبة الملحة اللذين كانا في ابنها ... وهي سمة لا تقاوم في حد ذاتها. ومع ذلك، كان الأمر صعبا؛ لأنها خشيت، بطريقة أو أخرى، من تبعات هذا الأمر غير المتوقع، ربما لأنه بدا على نحو غامض مثل وصمة سافينا بينتلاند.

قالت: «إذا كان لا أحد يعرف بذلك، فلا داعي للإفصاح عنه هنا. فلن يتسبب ذلك إلا في تعاسة جميع المعنيين بالأمر. هذا الأمر يعنيك أنت وحدك ... وسيبيل. ولا يحق للآخرين أن يتدخلوا، أو حتى أن يعرفوا؛ ولكنهم سيحاولون، يا جان ... ما لم ... تفعلا ما تريدان ... بسرعة. أحيانا أظن أنهم قد يفعلون أي شيء.»

Unknown page