Awail Kharif
أوائل الخريف: قصة سيدة راقية
Genres
اتضح لها الآن كل شيء - كل ما حدث خلال الشهرين الماضيين - في سلسلة مرتبة من الأحداث. لقد هربت المرأة المسنة، مما أدى إلى اكتشاف خطابات سافينا بينتلاند؛ لأن الآنسة إيجان كانت قد تركت موقعها لتتجول عبر المروج استجابة لنداء تلك القوة الغامضة الهائلة التي تسيطر فيما يبدو على الريف عند حلول الظلام. كان وجود تلك القوة محسوسا مرة أخرى الليلة، في كل مكان من حولها ... في الهواء الطلق، وفي الحقول، وفي الصوت القادم من البحر البعيد، وفي رائحة الماشية وفي البذور الناضجة ... كما حدث في تلك الليلة التي تبعها فيها مايكل إلى الحديقة.
وبطريقة ما، كانت سلسلة الأحداث كلها تجليا للقوة المزعجة التي كشفت في النهاية عن سر خطابات سافينا. لقد تلاعبت بهم تلك القوة، والآن أثقل السر كاهل أوليفيا باعتباره شيئا يجب أن تخبر به أحدا، شيئا لم يعد بإمكانها أن تكتمه في نفسها. اكتوت هي الأخرى بنار هذا السر، وتملكها شعور بأنها تمتلك سلاحا مخيفا ومخزيا ربما تستخدمه إذا تخطت الأمور قدرتها على الاحتمال.
وببطء، بعدما اختفى العاشقان، شقت طريقها عائدة نحو المنزل القديم الذي لاح في أفق السماء الزرقاء الداكنة بهيئته المربعة السوداء، وفي أثناء سيرها، بدا أن غضبها من خيانة الآنسة إيجان للثقة فيها تلاشى على نحو غامض. ستتحدث مع الآنسة إيجان غدا، أو بعد غد؛ فعلى أي حال، كانت العلاقة قد استمرت طوال فصل الصيف ولم تسفر عن أي ضرر؛ لا ضرر باستثناء اكتشاف خطابات سافينا. وشعرت بتعاطف مفاجئ تجاه تلك المرأة المتيبسة الكفء التي لم تحبها مطلقا؛ رأت أن حياة الآنسة إيجان، في نهاية المطاف، كانت مريعة؛ أيام متوالية تمضيها برفقة عجوز مجنونة. ظنت أوليفيا أن هذه الحياة كانت شبيهة بحياتها هي نفسها. ...
وخطر لها في الوقت نفسه أنه سيكون من الصعب أن تشرح لإنسانة ذكية جدا مثل الآنسة إيجان سبب وجودها هي نفسها على الجسر في تلك الساعة المتأخرة من الليل. بدا الأمر وكأن كل شيء، كل فكرة وتصرف صغير، صار متشابكا وميئوسا منه أكثر فأكثر، وأصعب وأعقد بمرور الأيام. لم يكن من مخرج سوى تمزيق الشبكة بجرأة والفكاك منها.
قالت في نفسها: «كلا. لن أبقى ... لن أضحي بنفسي. غدا سأخبر مايكل بأنه عندما ترحل سيبيل، سأفعل أيا كان ما يريد مني أن أفعله ...»
وعندما وصلت إلى المنزل وجدته مظلما باستثناء الضوء المشتعل باستمرار في الردهة الكبيرة والذي كان يضيء صفوف الصور الشخصية بإضاءة خافتة؛ وكان يعمه الصمت عدا من أصوات الصرير التي كانت تنتابه في سكون الليل.
3
استيقظت مبكرا، بعد أن نامت ليلة سيئة، على خبر مفاده أن مايكل مكث في بوسطن الليلة السابقة ولن يتمكن من ركوب الخيل معها كالمعتاد. وعندما ذهبت الخادمة أصابها شعور بالاكتئاب؛ نظرا لأنها كانت قد اعتمدت على مقابلته والتوصل إلى خطة محددة ما. وللحظة انتابها حتى شعور مبهم بالغيرة، نبذته على الفور باعتباره مخزيا. وقالت في نفسها إنه لم يهملها في أي وقت قط؛ كل ما في الأمر أن انشغاله زاد أكثر فأكثر مع اقتراب فصل الخريف. لم يكن في الأمر أي امرأة أخرى؛ كانت تشعر بالثقة فيه. ورغم ذلك، ظل ذلك الشك الصغير الغريب المزعج، الذي انزرع في عقلها حين قال جون بينتلاند: «هو رجل أيرلندي ذكي في سبيله إلى الوصول لغايته ... ومثل هؤلاء الرجال يجب أن يخضعوا للمراقبة.»
على أي حال، لم تكن تعرف عنه شيئا باستثناء ما اختار أن يخبرها به. إنه رجل حر ومستقل ومغامر بإمكانه أن يفعل ما يشاء في الحياة. فلماذا يدمر نفسه من أجلها؟
نهضت أخيرا، عازمة على ركوب الخيل بمفردها، على أمل أن يجعل هواء الصباح المنعش والتمرين الرياضي غيوم الكآبة، التي ظلت مستحوذة عليها منذ اللحظة التي تركت فيها جون بينتلاند في المكتبة، تنقشع.
Unknown page