كتبت إلي أيها العم الكريم
2
تسألني لماذا صمت بعد تغريد، ونضبت بعد فيض، وسكنت بعد المرح، واكتأبت بعد الفرح ؟ وما هذا الوجوم والإطراق بعد التهلل والإشراق؟ أين قلبك الهدار، وقلمك المكثار؟ وأين شعرك الشاعر، ونظمك الساحر؟ ليت شعري وقد أمكنك القول لم لا تقول الشعر؟
1
يا سيدي، بماذا أجيبك؟ لقيت الحياة مبتسما، ونشأت مترنما، أطالع تباشير الصباح مرحا كالأطيار، مترنحا مع الأشجار، تروقني ألوان الأفق، وظلمات الغسق، وتشدهني طلعة ذكاء، في موكب الضياء، أراقب الأضواء، في الإصباح والإمساء، وأساير الظلال، بالغدو والآصال، وأخلو إلى القمر أشرب ضياءه، وأحس في نفسي صفاءه، وأقول:
البر والبحر ذوب من سنا قمر
تردد الطرف فيه فهو حيران
وأتأمل الأزهار في شعاعه، وأقبل الورد في لآلائه، وأساير النيل أجري مع مائه، وأضطرب مع أمواجه، وأقف على البحر فرحا بآذيه المهتاج، معجبا بسلاسل الأمواج، أرقب العراك المتواصل بين الماء والساحل.
وكم طربت لزقزقة العصافير في نور الصباح، وتنزيها على متون الرياح، وضحكت لبكور الغراب، سابحا في الضباب!
وكم فتنني الوجه الجميل، والخلق النبيل، فقلت:
Unknown page