179

به أعربت عن ذات أنفسها العرب

هو المشهد الفرد الذي ما نجا به

لكسرى بن كسرى لا سنام ولا صلب

2

وقد امتدت أحقاد ذي قار بين الفرس وبني شيبان خاصة، وقبائل بكر عامة، حتى كان بنو شيبان طلائع الفتح الإسلامي في العراق.

لما عم الإسلام الجزيرة وتوطد سلطانه سمع أبو بكر بوقائع سيد من شيبان في سواد العراق فقال: من هذا الذي تأتينا وقائعه قبل معرفة نسبه؟

قال قيس بن عاصم المنقري: «هذا رجل غير خامل الذكر، ولا مجهول النسب، ولا ذليل العماد، هذا المثنى، هذا المثنى بن حارثة الشيباني.»

ثم قدم المثنى على أبي بكر يسأله أن يؤمره على قومه، ففعل، وكان المثنى من قبل على قومه أميرا، وبقي من بعد أميرا يستعينه أمراء المسلمين إذا حضروا، ويستخلفونه إذا غابوا، حتى مات بين مآثر مشكورة، ومناقب محمودة، وقد صدق عمر حين سماه: «مؤمر نفسه».

ولما اشتدت الحرب في العراق، بعث المثنى أخاه مسعودا إلى الخليفة يستمده، فأرسل خالد بن الوليد إلى العراق، فلما نزل خالد النباج، كتب إلى المثنى وهو معسكر بخفان ليأتيه، وبعث إليه بكتاب من أبي بكر يأمره بطاعته، قال الطبري : «فانغض إليه جوادا حتى لحق به.» فانظر إلى الرجولة كيف تسارع إلى الطاعة.

ولما توجه خالد إلى الشام، استبد المثنى بإمرة العراق، وكان بطل موقعة بابل، وفيها قتل الفيل الذي أفزع خيل المسلمين.

Unknown page