Your recent searches will show up here
Al-Aṭwal sharḥ talkhīṣ miftāḥ al-ʿulūm
Al-ʿiṣām al-Asfarāʾīnī (d. 943 / 1536)الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم
هذا وقد ظهر لك أن: إياك نستعين ليس من الالتفات في شيء؛ لأنه مقتضى الظاهر بعد العدول إلى الخطاب في إياك نعبد، فلا يلتفت إلى ما يوهمه سوق بيان النكتة من أن فيه التفاتا دعت إليه قوة محرك الإقبال، وجزالة نكتة المفتاح وبراعته، على ما ذكره الزمخشري، لا يحتاج إلى الإيضاح، وهو أن الخطاب يشعر بأن المخصص بالعبادة والاستعانة هو الموصوف بالصفات، وهي العلة في التخصيص؛ لأن الخطاب لكونه بالغا في التعين مقام المشاهد، وذلك التعين إنما جاء من قبل الصفات، وذكر الشارح أن النكتة فيه التنبيه على أن # العابد ينبغي أن يكون متوجها إليه بالكلية، بحيث كأنه يراه، ولا يلتفت إلى ما سواه. هذا وينبغي أن يضم إليه، وعلى أن المستعين ينبغي أن يكون كذلك؛ ليجاب.
فإن قلت: كونه كذلك في مقام تخصيص العبادة لا يقتضي التنبيه على وجوب كونه ذلك في مقام العبادة، قلت: يمكن أن يتكلف للشارح بأنه لما جعله في مقام الحمد، وهو عبادة كذلك نبه عليه، أو بأنه لما جعله في سورة لا يكون الصلاة بدونها، كذلك نبه على ذلك، وهذا مراده، لا أنه لما جعله كذلك في مقام عرض العبادة نبه على ذلك وهاهنا سوانح غيبية لمن له أهلية منها:
أن المراد بقوله: إياك نعبد وإياك، فعرف كما في: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون (¬1) أي: ليعرفون فحصر المعرفة فيه بعد حصر الحمد، وأشار إلى الشركة العامة في ذلك تنبيها على أن حصر المعرفة في مقام مشاهدة الكثرة، وذلك كمال التوحيد، ولا يخفى أن المنبه على تلك المشاهدة صيغة الخطاب، ومنها أنه تعالى نبه أولا على أنه غائب عن كل مثلى بعالم الحس، وطريق الوصول إليه التوجه إلى تفصيل صفاته بقلب حاضر، فإن نهاية التفصيل حضوره عنده بحيث يسعه أن يخاطبه وبحضوره يرى العبد: أن القدرة كلها له وهو ذليل عاجز، فيخاطبه بإظهار ذل من سواه وعجزه في كل ما عناه، وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله.
Page 423