Al-Aṭwal sharḥ talkhīṣ miftāḥ al-ʿulūm
الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم
Genres
قال الشارح المحقق: لما جبل الله عليه النفوس من التشوق إلى معرفة ما قصد إبهامه، ونقول: لأن الإنسان حريص على ما منع؛ ولأنه لا يرضى أن يضيع ما قاساه من المشقة في حصوله، ولأنه بعد أن تأكد طمعه في حصول فائدة من التكلم، لا يندفع طمعه حتى يحصل، وبما ذكرنا اندفع ما أورده الشارح المحقق من أن ما ذكره لا يتم إلا في ضمير الشأن دون الضمير في باب نعم، إذ السامع ما لم يعلم المفسر لم يعلم أن فيه ضمير افتعلل وضع المضمر موضع المظهر في باب نعم بما ذكره ليس بسديد، وعلمت أن تمامه في ضمير الشأن على إطلاقه وهم، واستغنيت عن أن تخصيص التعليل بضمير الشأن كما ذهب إليه الشارح المحقق في شرحه على المفتاح، وتمسك فيه بتمحيلة في عبارة المفتاح ليست في عبارة المتن، وموجودة في الإيضاح، نعم يرد أن اللائق بنظر البليغ أن يكون المقصود: تمكين ما هو العمدة، والمقصود، وهو فاعل نعم دون التمييز، الذي هو فضلة في الكلام، ففي ضمير الشأن يتم أن المقصود تمكين ما يعقبه من الجملة وأما في باب نعم فاللائق أن المقصود: تمكين فاعله في النفس، فالأوجه أن يقال: المراد بما يعقب الضمير فائدته، وما يطلب حصوله عقيب تصوره، وفي نعم إذا تصور المستتر فيه يحصل معناه بالتوسل تمييزه، والعود منه إلى التمييز، ثم من التمييز إليه، فيحصل بعد انتظار، فيتمكن في الذهن؛ لأن الإنسان مجبول بحفظ ما حصل بتعب ومشقة، وإن قل مقداره، وبعدم المبالاة لفوت ما حصل بسهولة، وإن كان عظيما؛ ولأن سماع الضمير المبهم كسماع حرف التنبيه يزيل الغفلة فيدرك ما يعقبه بريئا عن الغفلة، ولأنه يتصور بسماع الضمير مبهما ثم يأتي بالتفسير معينا، # فيتمكن بالتكرار، ومن وضع المضمر موضع المظهر ما في باب تنازع العاملين، وما له رجلا، وما لها قصة، وربه رجلا، وقوله: فقضاهن سبع سماوات (¬1) وأشار المصنف إلى ما أشاروا، واكتفى به ثقة بفهمك الوافي أن توفى حق الكل، وله غير نظير، فاعتذار الشارح عن غير تنازع العاملين، بأنه ليس من باب المسند إليه ليس بذلك؛ لأن ما يلوح من قول المصنف، وقد يخرج الكلام على خلافه أي: خلاف مقتضى الظاهر دون أن يقول: وقد يخرج أي: المسند إليه على خلافه يلوح بأن قصده إلى أعم، ويتأيد ذلك بتعرضه بغير المسند إليه- أيضا- مرة بعد مرة، على أنه لا ينفع ما ذكره في ضمير باب التنازع، ولا في ضمير فقضاهن سبع سماوات؛ لأن منه فقضيت سبع سموات، لأن الإضمار، والتفسير بالبدل شائع في الفاعل والمبتدأ- أيضا- وقد جعل الشارح المحقق من نكات وضع المضمر موضع المظهر اشتهار المرجع ووضوح أمره، كقوله تعالى:
إنا أنزلناه (¬2) أي: القرآن؛ أو لأنه بلغ من عظم شأنه إلى أن صار متعقل الأذهان، نحو: هو الحي الباقي، وفي كونهما مقام الظاهر نظر؛ لأن هذا المقام مقام أضمر؛ لظهور المرجع من غير سبق ذكر، ومقام وضع المضمر موضع الظاهر مقام لم يسبق مرجع الضمير، ولم تدل عليه قرينة حال، كما صرح به المفتاح، نعم منه ما أضمر لادعاء أن الذهن لا يلتفت إلى غيره، كقوله:
زارت عليها للظلام رواق ... ومن النجوم قلائد ونطاق (¬3)
أي: زارت الحبيبة حال كونها مستورة برواق من الظلام، وحال كونها عليها قلائد، ونطاق من النجوم، فإن قلت: هل يجوز أن يكون ادعاء التقرر في الأذهان نكتة لإيراد ضمير الشأن؟ قلت: لا؛ لأنه مناف لتفسير الضمير (وقد يعكس) أي: يوضع المظهر موضع المضمر.
Page 408