إنا إليكم مرسلون (¬1) وقوله: إنهم مغرقون (¬2) ومن لم يتنبه كذبه في الإسناد الحقيقي إلى المفعول (وإلى غيره) أي غير أحدهما (للملابسة مجاز) أصل هذا الكلام فإسناده إلى الفاعل إذا كان مبنيا له حقيقة، وإلى غيره مجاز، وإسناده إلى المفعول به إذا كان مبنيا له حقيقة، وإلى غيره مجاز إلا أنه طلب الاختصار فجمعهما، واختل فيفيد أن إسناد المبني للفاعل أو المفعول إلى أحدهما مطلقا حقيقة، لأنه حين الإسناد إلى أحدهما مبني لأحدهما، ولا يفيد أن إسناد المبني للمفعول إلى الفاعل، والمبني للفاعل إلى المفعول مجاز.
والإسناد للملابسة أن يكون المناسبة الداعية إلى وضع الملابس موضع ما هو له مشاركته مع ما هو له في كونهما ملابسين للفعل، وفائدة التقييد إخراج الإسناد إلى غير ما هو له من غير ذلك الداعي، عن أن يكون مجازا، فإنه غلط وتحريف، يخرج به الكلام عن الاستقامة، ولا يلتفت إليه فضلا عن أن ينخرط في سلك المزايا، أو تنبيه على أن ما يميل إليه عبارة الكشاف من أن المعتبر التلبس بما هو له مؤول بأن مراده التلبس بما هو له في ملابسة الفعل؛ لأن مجرد التلبس بالفاعل لا باعتبار الفعل علاقة بعيدة ينبغي أن لا يعتد بهما في إسناد الفعل، ومجرد ميل العبارة لا يكفي في إثبات مذهب مخالف لمذهب غيره، ولهذا نسب المصنف مذهبه إليه، وغيره على ما نقلناه لك، ولبعض المتأخرين هنا بحث شريف؛ وهو أنه كيف تكون: جلس الدار، وسير سير شديد، وسير الليل، مجازا وليس لنا مسير ومجلوس ينزل الدار، أو السير الشديد منزلته ويلحق به؟ !
Page 266