208

Atheer Ibn Badis

آثار ابن باديس

Investigator

عمار طالبي

Publisher

دار ومكتبة الشركة الجزائرية

Edition Number

الأولى عام ١٣٨٨ هـ

Publication Year

١٩٦٨ ميلادية

Genres

لأنه من مقتضى ربوبيته بتكوينه للخلق وتطويرهم وإعطائهم ما يحفظهم في تلك الأطوار، وأضاف الرب إلى ضمير المخاطب، وهو النبي ﵌ لتشريفه بهذه الإضافة. ولما تشرف بهذه الإضافة الربانية. والرب ﷻ قد مضى من وصفه في الآية أنه عام الرحمة والنعمة والنوال- فمن شكر نعمة هذا الشرف أن يتخلق العبد وهو محمد ﵌ بما هو من مقتضى وصف ربه. هذا من فوائد هذه الإضافة في هذا المقام. وقد كان- ﵌ رحمة للعالمين، شديد الشفقة على الخلق أجمعين، حريصًا على هدايتهم إلى الصراط المستقيم. حتى خاطبه ربه بقوله: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ (١) أي قاتل نفسك غمًا لعدم إيمانهم. وكان أساس شرعه على العدل، والإحسان العدل مع كل واحد، والإحسان إلى كل شيء فقال تعالى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا﴾ أي لا يحملنكم بغض قوم على عدم العدل فيهم وقال- ﵌: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة» ولما كان هو ﵊ قدوتنا فنحن مخاطبون بأن نكون مثله في عموم رحمته وشفقته وعدله وبره وإحسانه. نفعل الخير عامًاّ، كما تعم خيرات الله تعالى العباد، نفعله لأنه خيرٌ نستطعم لذته، غير منتظرين جزاء، إلا من الله. لأن من انتظر الجزاء من الناس وفي هذه الحياة لا بد أن يميل بخيره عن جهة إلى جهة، وربما يكون في ميله قد أخطأ وجه الصواب، ولا بد أيضًا أن ييأس فيفتر في العمل أو ينقطع عنه عندما يرى عدم المكافاة

١١) ٢/ ٢٦ الشعراء.

1 / 211