Atar al-uwal fi tartib al-duwal
آثار الأول في ترتيب الدول
Genres
لى يا أخى ما خدمة الملوك إلا عظيمة الخطر، فقال له ذلك كما علمه قبل أن يستغرق الملك في النوم فقال له الغلام: مثل(1) ما قال له، فقال: يا أخى هو كما ذكرت ولكنها كثيرة المعاطب، وإذا كان الإنسان على خطر كان عيشه نكدا، فلو كان أحدنا لبعض السوقة أو العوام وغضب عليه، ترضاه فرضى، أو طلب منه البيع فباعه، انتقل إلى غيره واستراح، الا ترى إلى وزير سيدي الملك مع جودته ومناصحته وشفقته كيف غضب عليه وأبعده وصار طريدا مهانا، ولعل هذا يا أخي تاويل المنام الذي حكيته لك من ليال، فلما سمع الملك جلس وقال: ويلك اعد ما تقول، ألست القائل كذا وكذا؟ قال: نعم يا سيدي رأيت ذلك فى النوم (2) فحكيته لأخى، فعلم الملك أن ذلك كان منه على غير تثبيت ولا تحقيق، فشرع في إزالة الوحشة(2) بينه وبين الوزير، ثم لم تمض أيام قلائل حتى أعادة إلى ما كان عليه. وهذه الحكاية وإن تعلقت بالمماليك إلا أنها تتعلق بالخاصة كانوا مماليك أو غير مماليك.
ونظير هذا ما يحكى أن الأفشين لما ظفر ببابك الخرمي وحمله أسيرا لى المعتصم بعد الحروب الشديدة والمصافات المديدة، عظم شانه عند المعتصم وكبر محله، ولم يبق له نظير فى الدولة، وكان يتهاون بالقاض أحمد(1) بن داؤد وبمحمد بن عبد الملك(5) الزيات، وكانا خصيصين
Page 216