Athar Bilad
آثار البلاد وأخبار العباد
Publisher
دار صادر
Publisher Location
بيروت
وسدت عليهم الغار، فقالوا: لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله تعالى بصالح أعمالكم! قال رجل منهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت لا أغبق قبلهما أهلًا ولا ولدًا، فباتا في ظل شجر يومًا فلم أبرح عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين، فكرهت أن أغبق قبلهما أهلًا ولا ولدًا، فلبثت والقدح في يدي أنتظر استيقاظهما حتى طلع الفجر، والصبية يتضاغون، فاستيقظا وشربا غبوقهما! اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة! فانفرجت شيئًا لا يستطيعون الخروج منه.
وقال الآخر: اللهم إنه كانت لي ابنة عم كانت من أحب الناس إلي، فراودتها عن نفسها فامتنعت مني حتى ألمت بنا سنة من السنين، فجاءتني فأعطيتها مائة وعشرين دينارًا على أن تخلي بيني وبين نفسها، ففعلت حتى إذا قدرت عليها قالت: لا يحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه! فتخرجت من الوقوع عليها وانصرفت عنها، وهي أحب الناس إلي، وتركت الذهب الذي أعطيتها. اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه! فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها.
وقال الثالث: اللهم إنك تعلم أني استأجرت أجرًا فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فنمت أجرته حتى كثرت منه الأموال. فجاءني بعد حين وقال: يا عبد الله هات أجرتي! فقلت له: كل ما ترى من الإبل والبقر والغنم والرقيق من أجرتك! فقال: يا عبد الله لا تستهزيء بي! فقلت: لا أستهزيء! فاستاق كله ولم يترك منه شيئًا. اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه! فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون.
1 / 157