219

Al-Tawḍīḥ al-Rashīd fī sharḥ al-tawḥīd

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

Genres

- المَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ) أَنْكَرَتِ المُعْتَزِلَةُ كَوْنَ النَّبِيِّ ﷺ سُحِرَ، مِنْ أَوْجُهٍ:
الشُّبْهَةُ الأُوْلَى) قَالُوا: هَذَا يُدْخِلُ طَعْنًا عَلَى تَبْلِيْغِ الدِّيْنِ!
وَالجَوَابُ: نَقُوْلُ قَدْ ثَبَتَ كُلٌّ مِنَ الأَمْرَيْنِ، فنُثْبِتُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ سُحِرَ (١)، وَنَنْفِي عَنْهُ الخَطَأَ فِي التَّشْرِيْعِ.
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ ﵀ فِي كِتَابِهِ (زَادُ المَعَادِ) (٢): (وَكَانَ غَايَةُ هَذَا السِّحْرِ فِيْهِ؛ إِنَّمَا هُوَ فِي جَسَدِهِ وَظَاهِر جَوَارِحِهِ، لَا عَلَى عَقْلِه وَقَلْبِه، وَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ مَا يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ، بَلْ يَعْلَمُ أَنَّهُ خَيَالٌ لَا حَقِيْقَةَ لَهُ، وَمِثْلُ هَذَا قَدْ يَحْدُثُ مِنْ بَعْضِ الأَمْرَاضِ. وَاللهُ أَعْلَمُ).

(١) قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀: (إنَّ هَذَا السِّحْرَ هُوَ مَا يُسَمَّى الآنَ بِالرَّبْطِ، فَلَا يَسْتَطِيْعُ الرَّجُلُ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ؛ وَمَعْ هَذَا فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ فِي عَقْلِهِ، وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ سَائِرِ شُؤُوْنِهِ) أ. هـ بِتَصَرُّفٍ يَسِيْرٍ مِنْ أَشْرِطَةِ فَتَاوَى جِدَّة (ش١١).
وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ ﵀ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (١٧٥/ ١٤) - عَنِ القَاضِي عِيَاضٍ رَحِمَهُمَا اللهُ -: (وَيُرْوَى (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ): أَيْ: يَظْهَرُ لَهُ مِنْ نَشَاطِهِ وَمُتَقَدِّمِ عَادَتِهِ القُدْرَةُ عَلَيْهِنَّ؛ فَإِذَا دَنَى مِنْهُنَّ أَخَذَتْهُ أَخْذَةُ السِّحْرِ؛ فَلَم يَأْتِهِنَّ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَعْتَرِي المَسْحُوْرَ. وكُلُّ مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَاتِ مِنْ أَنَّهُ يُخيَّلُ إِلَيْهِ فِعْلُ شَيْءٍ لَمْ يَفْعَلْهُ وَنَحْوُهُ فمَحْمُوْلٌ عَلَى التَّخيُّلِ بِالبَصَرِ لَا لِخَلَلٍ تَطَرَّقَ إِلَى العَقْلِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يُدْخِلُ لَبْسًا عَلَى الرِّسَالَةِ).
(٢) (١١٦/ ٤).

1 / 219