32

أصول بلا أصول

أصول بلا أصول

Publisher

دار ابن الجوزي

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

Publisher Location

القاهرة - جمهورية مصر العربية

Genres

أما البوصيري صاحب "البردة" فيقول: "كنت قد نظمت قصائد في مدح رسول الله ﷺ، ثم اتفق بعد ذلك أن أصابني خِلْطُ فالِج (١) أبطل نصفي، ففكرت في عمل قصيدتي هذه البردة، فعملتها، واستشفعت بها إلى اللَّه في أن يعافيني، وكررت إنشادها، وبكيت ودعوت، وتوسلت ونمت، فرأيت النبي ﷺ فمسح على وجهي بيده المباركة، وألقى عليَّ بردة، فانتبهت ووجدت فيَّ نهضة، فقمت، وخرجت من بيتي، ولم أكن أعلمت بذلك أحدًا، فلقيني بعض الفقراء، فقال لي: أتريد أن تعلمني القصيدة التي مدحتَ بها رسول الله ﷺ؟ فقلت: أيها؟ فقال: التي أنشأتها في مرضك، وذكر أولها، وقال: والله لقد سمعتها البارحة وهي تُنشد بين يدي رسول الله ﷺ، فرأيت رسول الله ﷺ، يتمايل (٢) وأعجبته، وألقى على من أنشدها بردة (٣)، فأعطيته إياها، وذكر الفقير ذلك، وشاع المنام" (٤). وكيف يقر رسول اللَّه ﷺ هذه القصيدة وفيها طامَّات

= البقاعي ﵀: "قد صارت نسبة العلماء له -أي ابن الفارض- إلى الكفر متواترة تواترًا معنويًّا" اهـ. من "تنبيه الغبي" ص (٢١٧). (١) الخِلْطُ: ما خالط الشيء؛ وأخلاط الإنسان (في الطب القديم): أمزجته الأربعة، وهي: الصفراء، والبلغم، والدم، والسوداء. والفالِج: شلل يصيب أحد شقي الجسم طولًا. (٢) وهذا يذكرنا بحديث مكذوب فيه أن النبي ﷺ تواجد عند سماع أبيات حتى سقطت البردة عن منكبيه، وقال: "ليس بكريم من لم يتواجد عند ذكر المحبوب"، قال ابن تيمية ﵀: إن هذا الحديث كذب بإجماع العارفين بسيرة رسول الله ﷺ وسننه وأحواله". اهـ. من "مجموع الفتاوى" (١١/ ٥٩٨). (٣) وهذا أيضًا محاكاة لما اشتهر أن كعب بن زهير ﵁ لما أنشد قصيدته في مدح رسول الله ﷺ أعطاه رسول الله ﷺ بردته، يقول ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "وهذا من الأمور المشهورة جدًا، ولكن لم أر ذلك في شيء من هذه الكُتب المشهورة بإسنادٍ أرتضيه، فالله أعلم". اهـ. من "البداية والنهاية" (٤/ ٣٧٣). (٤) "فوات الوفيات" لمحمد بن شاكر الكتبي (٢/ ٢٥٨).

1 / 34