Assisting the Beneficiary by Explaining the Book of Monotheism
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
Publisher
مؤسسة الرسالة
Edition Number
الطبعة الثالثة
Publication Year
١٤٢٣هـ ٢٠٠٢م
Genres
فخرج عليهم رسول الله ﷺ فأخبروه، فقال: "هم الذين لا يَسْتَرْقُون، ولا يَكْتَوُون، ولا يَتَطَيَّرون، وعلى ربهم يتوكلون".
ــ
يهرب منه إلاَّ إذا عرف من أن يأتيه هذا العدو، ومن أين يدركه، فهذا أمر عظيم.
وقوله: "ثم خرج عليهم رسول الله ﷺ فأخبروه" ذكروا ما بحثوا فيه، وما خاضوا فيه، والاجتهادات التي أبدَوْها حول هذا الأمر. وهذا فيه دليل على مشروعية المباحثة في أمور العلم، والبحث عن معاني كلام الله وكلام رسوله ﷺ حتى نعمل به، وننتفع به.
وقوله: "قال: هم الذين لا يَسْتَرْقُون" يعني: لا يطلبون من غيرهم أن يَرقيهم، لماذا؟، لأن طلب الرُّقية من الناس سؤال للمخلوق، والسؤال للمخلوق فيه ذِلّة، فهم يستغنون عن الناس، ويعتمدون على الله ﷾، وهذا من تمام التّوحيد: أن الإنسان لا يسأل الناس، والنبي ﷺ بايع بعض أصحابه أن لا يسألوا الناس شيئًا، فكان أحدهم إذا سقط سوطه من على راحلته لا يقول لأحد: ناولني السوط، لأنهم يريدون الاستغناء عن الناس، لكن سؤال أهل العلم عما أشكل ليس من هذا، وهو واجب قال تعالى: ﴿فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾، إذا كان ذلك عن حاجة، أما سؤال التعنّت والاستكبار وتعجيز المسؤول، فهذا لا يجوز، لأنه ليس عن حاجة، وإنما هو عن إظهار عَظَمة، وأن السائل أعلم من المسؤول، وهذا لا يجوز، وسؤال المال، يجوز للحاجة إذا كان الإنسان مضطرًّا، فإنه يجوز أن يسأل الناس حتى ترتفع ضرورته، أما سؤال الإنسان وهو غني، فهذا حرام: "من سأل الناس تكثّرًا، فإنما يسأل جمرًا، فليُقِل أو ليستكثر".
وقوله: "ولا يَكْتَوُون" كذلك لا يطلبون من غيرهم أن يكويهم بالنار من أجل العلاج.
والكَيْ بالنار نوع من أنواع الطب، وقد قال النبي ﷺ: "الشفاء في ثلاث: شَرْبة عسل، أو شَرْطة مِحْجَم، أو كيّة بنار"، وفي رواية أخرى: "وأنا أكره الكَيْ "، فالكَيُّ عند الحاجة علاج مباح، ولكنه إذا طلبته من غيرك، يكون مكروهًا لأنه من مسألة الناس، وكذلك يكره الكيّ ذاته، لما فيه من التعذيب بالنار.
قوله: "ولا يَتَطَيَّرون" التطيّر هو: التشاؤم بالطيور وغيرها، ثم يرجع المتطير
1 / 89