١٨ -
شكوى الْمُهَاجِرين إِلَى أَرض الْإِسْلَام من ضيق المعاش زعم فَاسد وتوهم كاسد لَا رخصَة لأحد فِي الرُّجُوع إِلَى بِلَاد النَّصَارَى بِحَال
وَمَا ذكر فِي السُّؤَال من حُصُول النَّدَم والتسخط لبَعض الْمُهَاجِرين من دَار الْحَرْبِيين إِلَى دَار الْمُسلمين لما زعموه من ضيق المعاش وَعدم الانتعاش زعم فَاسد وتوهم كاسد فِي نظر الشَّرِيعَة الغراء فَلَا يتَوَهَّم هَذَا الْمَعْنى ويعتبره ويجعله نصب عَيْنَيْهِ إِلَّا ضَعِيف الْيَقِين بل عديم الْعقل وَالدّين وَكَيف يتخيل هَذَا الْمَعْنى يدلى بِهِ حجَّة فِي إِسْقَاط الْهِجْرَة من دَار الْحَرْب وَفِي بِلَاد الْإِسْلَام (٩٠ أ) أَعلَى الله كَلمته مجَال رحب للقوى والضعيف والثقيل والخفيف وَقد وسع الله الْبِلَاد فيستجير بهَا من أَصَابَته هَذِه الصدمة الكفرانية والصاعقة النَّصْرَانِيَّة فِي الدّين والأهل وَالْأَوْلَاد فقد هَاجر من عَلَيْهِ الصَّحَابَة وأكابرهم رضوَان الله عَلَيْهِم إِلَى أَرض الْحَبَشَة فِرَارًا بدينهم من أَذَى الْمُشْركين من أهل مَكَّة جمَاعَة عَظِيمَة ورفقة كَرِيمَة مِنْهُم جَعْفَر بن أبي طَالب وَأَبُو سَلمَة بن عبد الْأسد وَعُثْمَان بن عَفَّان وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح وَحَال أَرض الْحَبَشَة مَا قد علم وَهَاجَر آخَرُونَ إِلَى غَيرهَا وهجروا أوطانهم وَأَمْوَالهمْ وَأَوْلَادهمْ وآباءهم ونبذوهم وقاتلوهم وحاربوهم تمسكا مِنْهُم بدينهم ورفضا لدنياهم فَكيف بِعرْض من اعراضها لَا يخل تَركه بالتكسب بَين أظهر الْمُسلمين وَلَا يُؤثر رفضه فِي متسع المسترزقين وَلَا سِيمَا بِهَذَا الْقطر الديني المغربي صانه الله وزاده عزا وشرفا ووقاه من الأغيار والأكدار وسطا وطرفا فَإِنَّهُ من أخصب أَرض الله
1 / 44