وكتب جمال الدين بن عبيد الله، من الموصل في المحرم سنة خمس عشرة وستمائة، إلى القاضي شرف الدين ابن عنين يقول فيه: "كنت مذ زمن طويل تأملات كتاب الجامع الكبير لمحمد بن الحسن، ﵀، وارتقم علي خاطري منه شيء. والكتاب في فنه عجيب غريب، لم يصنف مثله" (^١).
وقال أكمل الدين الباربرتي: "هو، كاسمه، لجلائل مسائل الفقه جامع كبير. قد اشتمل على عيون الروايات، ومتون الدرايات، بحيث كاد أن يكون معجزا، ولتمام لطائف الفقه منجزًا. شهد بذلك، بعد إنفاد العمر فيه، واردوه، ولا يكاد يلم بشيء من ذلك عادّوه. ولذلك امتدت أعناق ذوي التحقيق نحو حقيقته، واشتدت رغباتهم في الإعتناء بحل لفظه وتطبيقه، وكتبوا له شروحا، وجعلوه مبينا مشروحا" (^٢).
ولدقة مسائل الكتاب وصعوبة تخريجها شرحه كثير من أئمة الفقهاء، كالإمام أبي خازم عبد الحميد بن عبد العزيز، والإمام علي بن موسى القمي، والإمام أحمد بن محمد الطحاوي، والإمام أبو الحسن الكرخي، وأبي عمرو أحمد بن محمد الطبري، وأبي بكر أحمد بن علي الجصاص الرازي، والفقيه أبي الليث نصر بن محمد السمرقندي، وأبي عبد الله محمد بن يحيى الجرجاني، وشمس الأئمة عبد العزيز بن محمد الحلواني، وشمس الأئمة أبي بكر محمد بن أحمد السرخسي، وفخر الإسلام علي البزدوي. وأبي اليسر محمد البزدوي، والصدر الشهيد حسام الدين عمر بن مازه البخاري، ومحمود بن أحمد البرهان، وعلاء الدين محمد بن أحمد السمرقندي، وأبي حامد أحمد بن محمد العتابي البخاري، والحسن بن منصور الأوزجندي (قاضيخان)، وبرهان الدين علي بن أبي بكر بن عبد الجليل المرغيناني، وجمال الدين محمود بن أحمد الحصيري البخاري.
وشرح الحصيري الكبير "التحرير" في أربعة مجلدات طالعت الأوّل والرابع. منها فإذا هو شرح حافل بالنفائس، حاوٍ لكثير من الفروع الممتعة، يستقيها تارة من "الأصل" وغيره من مؤلفات الإمام محمد ﵁، وطورًا من شروح الكرخي والجصاص والسرخسي. وبينما تراه يجيب عما أورده بعض شراح الكتاب، بل وغيرهم على بعض المسائل كأبي خازم والرازي. والجرجاني، تراه
_________
(^١) بلوغ الأماني (ص ٦٣).
(^٢) كشف الظنون.
1 / 4