73

Asl Nizam Usra

أصل نظام الأسرة والدولة والملكية الفردية

Genres

coloni

ورقيق الأرض الجدد كان هناك الفلاحون الفرانك الأحرار. أما الذكريات والصراعات الرومانية فقد ماتت ودفنت، وقد نشأت الطبقات الاجتماعية في القرن التاسع في مهد مدنية جديدة وليس في لحد مدنية ميتة؛ فالجنس الجديد من الناس، سواء في ذلك السادة والخدم، كان جنسا يقارن بأسلافه الرومان. وأصبحت العلاقة بين الملاك الأقوياء والفلاحين الخدم نقطة البدء لتقدم جديد بعد أن كانت شكل الفناء للعالم القديم أيام الرومان. وزيادة على ذلك فإنه وإن ظهرت هذه الأربعمائة عام جامدة؛ فقد تركت وراءها إنتاجا عظيما واحدا هو القوميات الجديدة وإعادة تنظيم وتجميع سكان غرب أوربا لدخول التاريخ.

والواقع أن الألمان أقاموا حياة جديدة في أوربا؛ وهذا هو السبب في أن تحلل الدول في العهد الألماني انتهى، لا بإخضاع النرويجيين والمسلمين، ولكن بالتطور من الملكية اللاهوتية إلى النظام الإقطاعي مع زيادة هائلة في السكان؛ لدرجة أن الفيضان الدموي الذي سببه الصليبيون لمدة قرنين من الزمان استطاعت أوربا احتماله دون صعوبة.

فماذا كانت القوة الغامضة التي نفث الألمان بها حيوية جديدة في أوربا الميتة؟ هل كانت القوة السحرية الطبيعية للجنس الألماني كما يزعم مؤرخونا الوطنيون؟! لم يكن ذلك قطعا هو السبب. صحيح أن الألمان كانوا قبيلة آرية راقية في كامل نموها وخاصة في ذلك الوقت، ولكن لم تكن مقدرتهم الوطنية الخاصة هي التي دفعت القوة في أوربا، وإنما كان الدافع ببساطة هو مرحلة البربرية التي كانوا فيها ونظامهم القبلي.

فمقدرتهم الشخصية وشجاعتهم وحبهم للحرية وغريزتهم الديمقراطية التي كانت تعتبر كل الشئون العامة شئونها الخاصة، وباختصار كل هذه المؤهلات التي فقدها الرومان، والتي كانت وحدها قادرة على تكوين «دولة جديدة ورفع قوميات جديدة من حضيض العالم الروماني»، كل هذه المؤهلات كانت الصفات المميزة للبربرية في مرحلتها العليا، وكانت ثمرة النظام القبلي.

وقد مكنتهم هذه البربرية من تحويل الشكل القديم للزواج، والتخفيف من حدة حكم الرجل في العائلة، ورفع شأن المرأة لدرجة لم يعرفها العالم القديم. كما مكنتهم من ذلك عاداتهم القبلية والميراث المتبقي منذ أيام الانتساب للأم.

وإذا كانوا قادرين على الأقل في ثلاثة من أكثر الأقطار أهمية، وهي ألمانيا وشمال فرنسا وإنجلترا، إذا كانوا قادرين في هذه البلاد أن يحملوا إلى الدولة الإقطاعية قطعة من الدستور الحقيقي في شكل مجتمعات المارك؛ فقد أعطوا بذلك للطبقة الخاضعة من الفلاحين الاتحاد الإقليمي (حتى تحت أسوأ ظروف نظام رقيق الأرض الإقطاعي) ووسائل المقاومة التي لم تتوفر لعبيد النظم القديمة أو عمال العصر الحديث. وتعود قدرة الألمان هذه إلى مرحلة البربرية التي كانوا فيها وطريقتهم البربرية في الاستقرار في فروع.

وأخيرا فقد استطاع الألمان تنمية وتعميم الشكل المخفف لنظام رقيق الأرض الذي كانوا يمارسونه في بلادهم، والذي عمل تدريجيا على إلغاء الرق في الإمبراطورية الرومانية. وكان هذا الشكل - كما يقول فوريير - يعطي للمستعبدين وسائل التحرر التدريجي كهبة؛ وهو لذلك نظام أرقى بكثير من الرق، كما يسمح بتحرير الأفراد دون أي مرحلة انتقالية (لم يعرف التاريخ القديم أي إلغاء للرق نتيجة ثورة ناجحة )، وقد حصل رقيق الأرض في العصور الوسطى على تحريرهم كطبة لدى الألمان، ويرجع الفضل في ذلك - كما سبق - إلى بربريتهم التي يرجع الفضل إليها في أنهم لم يصلوا إلى الاسترقاق الكامل، سواء في شكل العمل العبيدي القديم أو عبيد المنازل في الشرق.

وعلى ذلك فكل الحيوية التي جلبها الألمان للعالم الروماني تعود للبربرية؛ فالبربريون هم وحدهم القادرون على بعث الحياة في حضارة ميتة، وقد كانت المرحلة العليا للبربرية التي شق الألمان طريقهم إليها وخلالها قبل هجرة الشعوب أحسن مثل ذلك. ولعل في ذلك تفسيرا لكل شيء.

الفصل التاسع

Unknown page