70

Asl Nizam Usra

أصل نظام الأسرة والدولة والملكية الفردية

Genres

كان صغار الفلاحين الأحرار لا يزالون موجودين؛ ولكي يحموا أنفسهم ضد تعسف موظفي الحكومة الوحشي والقضاة المرابين كانوا كثيرا ما يضعون أنفسهم تحت حماية ذوي السلطان، ولم يكونوا يفعلون ذلك بصفة فردية فقط بل في مجموعات بأكملها. وتكرر ذلك بكثرة شديدة، لدرجة أن أباطرة القرن الرابع أصدروا أوامر بمنع هذه الأوضاع، فكيف أفادت هذه الحماية الفلاحين؟!

كان صاحب السلطان يضع للفلاحين شروط نقل ملكية أرضهم إليه، وفي مقابل ذلك يمنحهم حق استغلال هذه الأرض مدى حياتهم، وهي حيلة تذكرتها الكنيسة المقدسة وطبقتها في القرنين التاسع والعاشر في سبيل عظمة الإله وتوسيع رقعة ملكيتها. وفي ذلك الوقت حوالي سنة 475 استنكر الأسقف سلفيانوس أسقف مرسيليا بشدة هذه السرقة، وأعلن أن استبداد الرسميين الرومان وكبار ملاك الأرض أصبح غير محتمل؛ لدرجة أن كثيرا من الرومان هربوا إلى المناطق التي يقطنها المتبربرون، وأن المواطنين الرومان لم يكونوا يخالفون شيئا أكثر من وقوعهم ثانية في قبضة الحكم الروماني. وكان كثير من الآباء المساكين يبيعون أطفالهم كرقيق في ذلك الوقت، ويؤيد ذلك صدور قانون يمنع هذا البيع.

ولكي يمكن تحرير الرومان من دولتهم نفسها استولى المتبربرون الألمان على ثلثي الأرض كلها وقسموها فيما بينهم. وقد تم التقسيم طبقا للنظام القبلي القديم. ولما كان عدد الألمان المنتصرين صغيرا نسبيا فقد بقيت أراضي واسعة دون تقسيم، ودخل جزء منها في ملكية الشعب كله، وجزء آخر في ملكية القبائل والفروع.

وفي كل سلالة قسمت الأراضي والمراعي بين العائلات إلى أقسام متساوية المساحة، ولا نعلم إذا كانت إعادة التقسيم دوريا كانت تجرى في ذلك الوقت أم لا. وعلى أي حال فقد أوقف هذا التقسيم على وجه السرعة في الأقاليم الرومانية، وأصبحت هذه الأقسام ملكية خاصة مطلقة. وظلت الغابات والمراعي دون تقسيم لاستعمال الكافة، ونظمت هذا الاستعمال مع طريقة زراعة الأرض عادات قديمة مع رغبة المجتمع كله. وبقدر ما ظلت السلالات موجودة في القرى، وبقدر ما هاجر الألمان والرومان بمرور الوقت، بقدر ما تراجعت روابط الدم أمام الروابط الإقليمية.

واختفت السلالة في مجتمعات المارك التي كانت فيها آثار واضحة للقرابة الأصلية بين الأعضاء. وعلى ذلك فقد تحول النظام القبلي إلى نظام إقليمي (على الأقل في بلاد اتحادات المارك وفي شمال فرنسا وإنجلترا وألمانيا وإسكندناوة ) وأصبح لذلك صالحا للبقاء في الدولة. ومع ذلك فقد تحطم الطابع الديموقراطي الطبيعي الذي يميز النظام القبلي كله، واحتفظت الدولة بجزء من النظام القبلي في انحطاطه، وقام النظام الإقليمي على أنقاضه فيما بعد تاركا سلاحا في أيدي الخاضعين، سلاحا معدا للاستعمال في العصر الحديث.

وكان الاختفاء السريع لروابط الدم في السلالة راجعا إلى أن تنظيماتها في القبيلة وفي الشعب كله قد انحطت بدورها نتيجة الغزو. ونحن نعلم أن حكم الشعوب الخاضعة لا يتفق مع النظام القبلي، ونرى هنا هذه الحقيقة على نطاق واسع، وقد كان على الشعوب الألمانية التي أصبحت سيدة الأقاليم الرومانية أن تنظم غزواتها. ولما لم يكن ممكنا إدماج الكتل الرومانية في التنظيمات القبلية أو حكمها بمساعدة هذه التنظيمات، كان من الضروري إحلال سلطة أخرى محل السلطة الحكومية الرومانية التي استمرت موجودة أول الأمر، ولم يكن ممكنا أن تكون هذه السلطة الأخرى سوى دولة أخرى. وعلى ذلك فقد كان من الضروري تحويل أجهزة التنظيم القبلي إلى أجهزة للدولة؛ ونظرا لضغط الظروف كان من الضروري أن يتم ذلك سريعا.

وكان أول ممثل للشعب المنتصر هو القائد العسكري. وكانت السلامة الداخلية والخارجية للأراضي المفتوحة تتطلب أن تزداد سلطة القائد العسكري. ووصلت اللحظة التي تحول فيها القائد العسكري إلى ملك، وقد تم ذلك فعلا.

أما مملكة الفرانك فقد ضمت الأقاليم الفسيحة من الدولة الرومانية، كما ضمت كل الأراضي الواسعة التي لم تقسم إلى قطع

gau

صغيرة وكبيرة، ولم تنضم إلى مجتمعات المارك وخصوصا كل الغابات الواسعة، سقطت كلها في أيدي الشعب السالياني المنتصر. وكان أول شيء عمله ملك الفرانكس الذي تحول من قائد عسكري عادي إلى ملك حقيقي، كان أول شيء عمله هو تحويل أراضي الشعب إلى إقطاعية ملكية، وسرقها من الشعب، ووهبها تابعيه في صورة إقطاعيات. وقد ازداد عدد هؤلاء التابعين (الذين كانوا يتكونون في الأصل من تابعي الملك الخصوصيين وقواد الجيش) بضم رومان وغال إليهم، وأصبحوا ضروريين للملك نظرا لمعرفتهم الكتابة وتعليمهم ومعرفتهم للأقاصيص الوطنية والآداب اللاتينية وقوانين الأرض.

Unknown page