162

Aṣl al-zarārī sharḥ Ṣaḥīḥ al-Bukhārī - makhṭūṭ

أصل الزراري شرح صحيح البخاري - مخطوط

Publisher

عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري

Publisher Location

https

Genres

آله وصحبه.
(ثم يتوضأ)؛ أي: وضوءه للصلاة، كما زاده عبد الرزاق، عن الثوري، عن هشام، وهو صريح بتأخير الوضوء عن غسل ما يصيبه منها، كذا في «عمدة القاري» (ويصلي)؛ أي: ما كتب له من فرض أو نفل، وهذا تصريح في الدلالة على ترك الغسل من الحديث الذي قبله، (قال أبو عبد الله) فاعل (قال) محذوف وهو الراوي عن البخاري، و(أبو عبد الله) كنية البخاري، كذا قاله في «عمدة القاري»، وتبعه ابن حجر، وزعم العجلوني أن القائل البخاري نفسه لكن فيه تجريد، انتهى.
قلت: ليس كما قال، بل هو قول الراوي عن المؤلف وهو الأظهر، ولا حاجة لحمله على التجريد؛ لأنَّه خلاف الظاهر المتبادر؛ فافهم.
وقال الكرماني: (ووقع: «قال أبو عبد الله...» إلخ بعد حديث: «إذا جلس بين شعبها»، وذلك أولى) انتهى.
واعترضه العجلوني فزعم أن ذِكْره هنا أولى؛ لأنَّه حينئذٍ تظهر المفاضلة لذكر الشيئين بخلاف ما لو قدمه؛ فافهم انتهى؛ فتأمل.
ومقول القول قوله: (الغُسل)؛ بضمِّ الغين المعجمة، وزعم العجلوني: أن في «الفرع» بفتحها.
قلت: والمشهور الأول؛ أي: الاغتسال لجميع الجسد من الجماع بغير إنزال المذكور في أحاديث كثيرة منها ما سبق في باب (إذا التقى الختانان).
(أحوط)؛ أي: أكثر احتياطًا في أمر الدين من الاكتفاء بغسل الذكر والوضوء المذكورين في أحاديث هذا الباب المروية عمن تقدم من الصحابة، وعلى هذا؛ ينبغي أن يحمل ما رواه عبد الرزاق عن ابن جريج، عن عطاء أنه قال: لا تطيب نفسي حتى أغتسل؛ أي: من الجماع من أجل اختلاف الناس للأخذ (^١) بالعروة الوثقى.
قلت: لأنَّ العبادة المتفق على صحتها خير من المختلف في صحتها، كما لا يخفى، ولهذا ينبغي للإمام أن يحتاط في وضوئه وصلاته، ويفعل ما أجمع عليه الأئمَّة الأعلام؛ لتكون عبادته موافقة لهم، ومجمعًا (^٢) على صحتها لا ما يفعله بعض المتعصبين من الشافعية الذين يظنون أنفسهم من المتورعين، ويحتاط على مذهب إمامه ويفعل ما هو مخل أو مفسد في مذهب غير إمامه من الأئمَّة الكبار، فإن هذا ليس من الاحتياط في شيء، وإنما هو تعصب، وشدة في أمر الدين، ومخالفة لسيد المرسلين القائل: «بعثت بالدين الحنيفية السمحة»؛ فافهم ذلك، ولا تكن ممن غلب جهله على علمه، أو جهله على عقله أو دينه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(وذلك)؛ باللام، وفي بعض النسخ: (وذاك) بدونها، والإشارة إلى الحديث الدال على لزوم الغسل لجميع الجسد (الأخير)؛ بمثناة تحتية من غير مد على وزن (فعيل) هو رواية أبي ذر، وفي رواية غيره: (الآخِر)؛ بالمد بغير مثناة تحتية، وكسر الخاء المعجمة، وعليها؛ فالمعنى: وذاك المذكور في العبارة لذكره في الباب الثاني، وقال ابن التين: (ضبطناه بفتح الخاء)؛ أي الحديث من فعل الشارع ﵇ المغاير الدال على عدم لزوم الغسل، وقال في «عمدة القاري»: (وأشار بقوله: «وذلك الأخير» إلى أن هذا الحديث غير منسوخ؛ أي: آخر الأمرين من الشارع) انتهى؛ أي: بل هو ناسخ لما قبله؛ فتأمل، (إنما بيَّنا) وللأَصيلي: (بيناه)؛ بالهاء، ولابن عساكر بالواو، لكن الأنسب حذفها؛ لأنَّ الجملة خبر (وذلك الأخير) تابع له؛ (لاختلافهم) ولكريمة: (اختلافهم)، وعلى الأولى؛ فهو متعلق بـ (بيَّنا) على أنه علة له؛ أي: ذكرنا الحديث الذي يدل على عدم لزوم الغسل في هذه الحالة؛ لنبين اختلاف الصحابة في الوجوب وعدمه، أو اختلاف المحدثين في صحته وعدمه، لا لأنا نقول به ونرتضيه، ويؤيد هذا الحمل ما في نسخة الصغاني: إنما بيَّنا الحديث الآخر؛ لاختلافهم والماء أنقى والظاهر أن معنى قول المؤلف: (وذلك الأخير) الإشارة للحديث الدال على لزوم الغسل، ومعنى كونه الأخير: أنه آخر الأمرين من فعل الشارع فهو ناسخ لما أفتى به عثمان ومن ذكر من الصحابة، فـ (ذلك) مبتدأ و(الأخير) خبره، ومثله على كسر الخاء بلا ياء، وأما على فتحها؛ فهو بظاهره غير مفيد؛ لأنَّه تابع لذاك، فإن قُدِّر له خبر نحو هو المعول عليه كان مفيدًا صحيحًا ويكون قوله: (إنما بينا؛ لاختلافهم) على هذه الوجوه مستأنفًا، وضمير (بيناه) الموجود أو المقدر راجع إلى ما تقدم من حديث زيد بن خالد، وعلى هذا؛ فيكون كلام المؤلف موافقًا لما عليه الإجماع من وجوب الغسل بالجماع وإن لم ينزل، وليس في هذا ميل لمذهب داود الظاهري وإن نقله البرماوي عن السفاقسي حيث قال: وقال السفاقسي: (رويناه بفتح الخاء)، وقيل: إنه الوجه، وقال في قوله: (إنما بيناه؛ لاختلافهم): (ميل لمذهب داود، والجمهور على أنها منسوخة).
قلت: (إنما يكون ميلًا (^٣) لمذهب داود إذا فتحت الخاء من «آخَر»، أمَّا بالكسر؛ فيكون جزمًا بالنسخ) انتهى، ولا يتوجه عليه أيضًا اعتراض ابن العربي حيث قال: قد روى جماعة من الصحابة المنع، ثم رجعوا حتى رُوِيَ عن عمر أنه قال: من خالف في ذلك؛ جعلته نكالًا، وانعقد الإجماع على ذلك، ولا يعبأ بخلاف داود فيه، فإنه لولا خلافه ما عرف، وإنما الأمر الصعب خلاف البخاري في ذلك، وحكمه: بأن الغسل أحوط وهو أحد علماء الدين، والعجب منه أنه يساوي بين حديث عائشة في وجوب الغسل بالتقاء الختانين وبين حديث عثمان وأُبيِّ بن كعب إلا بالإنزال، وحديث عثمان ضعيف، وحديث أُبيِّ بن كعب التعلق به ضعيف؛ لأنَّه قد صح رجوعه عما روى لما سمع وعلم ما هو أقوى منه، ثم قال: يحتمل أن قول البخاري: (الغسل أحوط)؛ يعني: في الدين وهو باب مشهور في الأصول وهو الأشبه بإمامة الرجل وعلمه.
قال ابن حجر: (هذا هو الظاهر من تصرفه، فإنه لم يترجم بجواز ترك الغسل، وإنما ترجم ببعض ما يستفاد من الحديث بغير هذه المسألة)،
ورده صاحب «عمدة القاري» فقال: (قلت: من ترجمته يفهم جواز ترك الغسل؛ لأنَّه اقتصر على غسل ما يصيب الرجل من المرأة، إنَّما هو الجواب، والغسل غير واجب، ولكنه يستحب؛ للاحتياط) انتهى.
وأجاب ابن حجر في «الانتقاض»: (بأن هذا إنَّما يفهم من جواب السؤال، وأما غسل الذكر وهو المترجم به؛ فمقصود من يترجم به أنه مشروع أعم من أن يكون غسل جميع البدن واجبًا أم لا، وهذا على رأي من لا يرى اندراج إزالة النجاسة في غسل جميع الجسد، بل يشترط لها غسلًا آخر) انتهى.
قلت: وهذا فاسد ظاهر الفساد؛ لأنَّ ما ترجم به المؤلف من غسل ما يصيب فرج المرأة بيان على أن ترك الغسل جائز، والجائز غير واجب، فبقي على الاستحباب؛ للاحتياط، وهذا ظاهر.
وقوله: (وأما غسل الذكر...) إلخ ممنوع؛ لأنَّ غسل الذكر مشروع في الاستنجاء؛ فلا حاجة لبيانه هنا، وإنما ترجم به؛ للإشارة إلى أن الجماع تارة يكون واجبًا وهو ما إذا أنزل، وتارة يكون مستحبًّا وهو ما إذا لم ينزل؛ ولأجل اختلاف الناس في ذلك ترجم بما يصيب المرأة وإصابتها أعم من [أن] يكون واجبًا أو مستحبًّا، وهذا مفهوم ضرورة من الترجمة؛ فافهم، والله أعلم.
واعترض ابن حجر على ابن العربي في نفيه الخلاف، فزعم أن الخلاف مشهور في الصحابة والتابعين، يثبت عن جماعة منهم ومن التابعين، انتهى.
ورده صاحب «عمدة القاري» فقال: (قلت: لقائل أن يقول: انعقد الإجماع عليه، فارتفع الخلاف)؛ بيانه: ما رواه الحافظ الطحاوي: حدثنا روح بن الفرج قال: حدثني يحيى بن عبد الله بن بُكير قال: حدثني الليث قال: حدثني معمر بن أبي حُيَيَّة؛ بضمِّ الحاء المهملة، وفتح المثناة التحتية المكررة، فهي حيية بنت مرَّة بن عمرو بن عبد الله بن شعيب، ومعمر هذا يروي عن عبد الله بن عدي بن الجبار قال: تذاكر أصحاب رسول الله ﷺ عند عمر بن الخطاب الغسل من الجنابة، فقال

(^١) في الأصل: (لأخذ)، وليس بصحيح.
(^٢) في الأصل: (مجمع)، ولعل المثبت هو الصواب.
(^٣) في الأصل: (ميل)، ولعل المثبت هو الصواب.
بعضهم: (إذا جاوز الختان الختان؛ فقد وجب الغسل)، وقال بعضهم: (الماء من الماء)، قال عمر ﵁: (قد اختلفتم وأنتم أهل بدر الأخيار، فكيف الناس بعدكم؟!) فقال علي بن أبي طالب: (يا أمير المؤمنين؛ إن أردت أن تعلم ذلك؛ فأرسل إلى أزواج النبيِّ ﷺ فسلهن عن ذلك)، فأرسل إلى عائشة ﵂، فقالت: (إذا جاوز الختان الختان؛ فقد وجب الغسل)، فقال عمر ﵁ عند ذلك: (لا أسمع أحدًا يقول: الماء من الماء؛ إلا جعلته نكالًا)،
قال الحافظ الطحاوي: (فهذا عمر ﵁ قد حمل الناس على هذا بحضرة أصحاب رسول الله ﷺ، فلم ينكر ذلك عليه منكِر) انتهى.
واعترضه العجلوني فزعم أن الخصم ينازع في الإجماع بما نقله مما تقدم، فكيف يتوجه الرد عليه بما ذكره؛ فتأمل.
قلت: تأملته، فناسب أن يقال هنا: ﴿ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ العِلْمِ﴾ [النجم: ٣٠]؛ ولا يخفى أنه لا نزاع في الإجماع؛ لأنَّ المراد بالإجماع إجماع الصحابة ﵃ وهو المعتبر في الدلائل الشرعية لا إجماع التابعين؛ لأنَّه غير معتد فيه في الشرع، فهذا القائل لم يفرق بين إجماع الصحابة وإجماع من بعدهم، ولا يسع أحدًا أن ينكر إجماع الصحابة في هذه المسألة؛ لثبوته عنهم، كما رواه الحافظ الطحاوي، وأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة في «مصنفه» على غير هذه الصفة، كما ذكرنا ذلك في باب: (إذا التقى الختانان) عن «عمدة القاري»، وفيه إجماع الصحابة على لزوم الغسل وإن لم ينزل، ولهذا قال الشافعي في «اختلاف الحديث»: حديث «الماء من الماء» ثابت، لكنه منسوخ...) إلى أن قال: (فخالفنا بعض أهل الحجاز فقالوا: لا يجب الغسل حتى ينزل، فعرف بهذا أن الخلاف مشهور بين التابعين ومن بعدهم، لكن الجمهور على إيجاب الغسل وهو الصواب) انتهى، فقد علمت أنه نفى الخلاف بين الصحابة؛ لوقوع الإجماع وثبوته عنهم، وأثبت الخلاف بين التابعين ومن بعدهم، فهذا القائل لم يدر الفرق بين إجماع هؤلاء وبين إجماع هؤلاء وبينهما فرق كما بين السماء والأرض، وعلى كل؛ فالرد متوجه على ابن حجر بما زعمه، كما لا يخفى على من له أدنى ذوق في العلم.
وادعى ابن القصار أن الخلاف ارتفع بين التابعين، قال في «عمدة القاري»: وفيه نظر؛ لأنَّ الخطابي قال: (قاله من التابعين الأعمش)، وتبعه القاضي، ولكنه قال: (لم يقل به أحد بعد الصحابة غيره).
قال في «عمدة القاري»: (وفيه نظر؛ لأنَّه قد ثبت أن أبا سَلَمَة بن عبد الرحمن كان يفعل ذلك، وكذا عطاء بن أبي رباح، كما رواه ابن عبد الرزاق) انتهى.
والحاصل: أن إجماع الصحابة ثابت قائم على وجوب الغسل بالجماع وإن لم ينزل، وأن اختلاف التابعين فيه ثابت، وما بعد الإجماع إلا الرجوع إليه، ثم أجمعت المجتهدون على ذلك، فلا يجوز العمل إلا بما عليه أئمة المذاهب الأربعة الأعلام، والله ولي الألباب وهو الصواب؛ فافهم.
وفي رجب سنة سبع وسبعين ومئتين وألف ظهر قحط من قلة القمح وغيره، وقلة البيع والشراء، وتعطلت الطرقات من الثلج، وظهرت السقعة في كل يوم من العصر على وجه ماء البحرات، فالبرد شديد، والخبز عزيز، والدرهم قليل، والمصرف كثير، والحي باقٍ لا يزول، اللهم؛ أحسن أحوال المسلمين، ورخص أسعارهم بجاه النبي الأعظم ﷺ وآله وأصحابه أجميعين آمين.
«٦» [كتاب الحيض]
ولما فرغ المؤلف من الأحداث التي يكثر وقوعها؛ كالأصغر والأكبر والأحكام المتعلقة بها أصلًا وخلفًا؛ أراد أن يذكر لنا عقيب ذلك حكم الأحداث التي يقل وقوعها، فقال: (بسم الله الرحمن الرحيم) كذا هي ثابتة في «الفرع»، وساقطة في أكثر الروايات، هذا (كتاب) في بيان أحكام (الحيض) ولأبي ذر تقديم (كتاب) على البسملة، وفي رواية: (باب) بدل (كتاب)، ولا يخفى أن التعبير بـ (كتاب) أولى؛ لاشتماله على الأنواع الداخلة تحته، بخلاف الـ (باب)؛ فافهم، وإنما ترجم بـ (الحيض) دون غيره من النفاس والاستحاضة؛ لكثرة وقوع الحيض على غيره، أو لكونه أصلًا في هذا الباب دون غيره، ولأنَّه أصل في الأحكام، ولهذا أفرده الإمام محمَّد بن الحسن محرر مذهب الإمام الأعظم في كتاب مستقل، ولأنَّ معرفة مسائله من أعظم المهمات؛ لما يترتب عليها ما لا يحصى من الأحكام؛ كالطهارة، والصَّلاة، والقراءة، والصوم، والحج، والاعتكاف، والبلوغ، والوطء، والطلاق، والعدة، والاستبراء، وغير ذلك مما مقرر في كتب الفروع.
واختلفوا في التعبير عن الحيض والنفاس بأنهما من الأحداث أو الأنجاس، فذهب جماعة إلى الثاني، وذهب جماعة إلى الأول، قال في «العناية»: (والأنسب أنه الأول)، واستظهر في «البحر» الثاني، ثم قال: (والظاهر أنه لا ثمرة لهذا الاختلاف) انتهى.
قلت: ويرد عليه أن إزالة النجاسة تبيح الدخول في الصَّلاة، واغتسال الحائض ما دامت متصفة به لا يبيح ذلك، فعلم بهذا أنه ليس نجسًا حقيقيًّا، والطهارة منه طهارة حدث لا طهارة نجس، ولأن الأحكام المتعلقة به هي الأحكام المختصة بالأحداث، فالتحقيق أنه من الأحداث، كذا في «منهل الطلاب»، وفيه: وللحيض أسماء وهي خمسة عشر اسمًا، جمعها بعضهم في بيتين من البسيط، فقال:
للحيض عشرة أسماء وخمستها... حيض محيض محاض طمث إكبار
طمس عراك فراك مع أذى ضحك... درس دراس نفاس قرء إعصار
والطمث الأول بالمثلثة، ويقال: بالمثناة الفوقية، ويقال بالهمز أيضًا، والثاني: بالسين المهملة، والعراك؛ بالعين المهملة، وذكر في «النهر» أن الحيض لا يكون في غير المرأة إلا في الأرنب والضبع والخفاش، زاد القسطلاني: (الكلبة، والناقة، والوزغة) انتهى، وزاد بعضهم: الحجرة؛ وهي الأنثى من الخيل، والعرس؛ وهي لبوة الأسد، والجمع: أعراس، وسمكة شبيهة بالنساء ذات شعور وفروج عظام فهي تسعة أصناف، وقد نظمها بعضهم في بيتين، فقال:
الحيض يأتي للنساء وتسعة... وهي النياق وضبعها والأرنب
والوزغ والخفاش حجرة كلبة... والعرس والحيات منها تحسب
والبعض زاد سميكة وعاشة... فاحفظ ففي حفظ النظائر يرغب
والحيض المنسوب إلى هذه الحيوانات؛ بمعنى: السيلان، والحيض في اللغة: السيلان، يقال: حاضت السمرة؛ وهي شجرة يسيل منها شيء؛ كالدم، ويقال: الحيض لغة: الدم الخارج، يقال: حاضت الأرنب؛ إذا خرج منها الدم، وذكر في «العباب»: (التحييض: التسييل، يقال: حاضت المرأة تحيض حيضًا ومحاضًا ومحيضًا)، وعن اللحياني: (حاض، وخاض، وحاص؛ بالمهملتين، وحار؛ كلُّها بمعنًى، والمرأة حائض وهي اللغة الفصيحة الفاشية بغير تاء).
واختلف النحاة في ذلك، فقال الكوفيون: (إنه استغني عن علامة التأنيث؛ لأنَّه وصف لازم مخصوص بالمؤنث؛ فلا لبس في ذلك)، وقال سيبويه: (إن ذلك صفة شيء مذكر؛ أي: شيء أو إنسان، أو شخص حائض)، وقال الخليل: (لما لم يكن جاريًا على الفعل؛ كان بمنزلة المنسوب بمعنى: حائض؛ أي: ذات حيض؛ كذراع، ونامل، وتامر، ولَابِن، وكذا طالق، وطامث، وقاعد للآيسة؛ أي: ذات طلاق)، وحكى الفراء: (حائضة)، وتمامه في «منهل الطلاب»، و«عمدة القاري».
وأما معناه شرعًا؛ فعلى قول من يقول: إنه من الأحداث؛ فهو صفة شرعية مانعة عما تشترط له الطهارة؛ كالصَّلاة، ومس المصحف، وعن الصوم، ودخول المسجد، والقرآن بسبب الدم المذكور، وعلى القول بأنه من الأنجاس؛ فهو دم ينفضه رحم المرأة البالغة لا داء بها، ولا حبل، ولم تبلغ سن الإياس، وقال الإمام

1 / 162