Ashhar Khutab Wa Mashahir Khutaba
أشهر الخطب ومشاهير الخطباء
Genres
كان شيشرون (106 ق.م.-43 ق.م.) في رومية بمقام ديموستينيس في أثينا، وكان أديبا وخطيبا معا ولكن تبريزه كان أظهر في الخطابة. وقد ولد في وقت بدأت فيه الجمهورية في التدهور وأخذ قواد الجيش في الاستئثار بالسلطة، وأوشكت حرية الأمة الرومانية أن تزول وأن تسود الإمبراطورية. وقد حدث في حياة شيشرون أن حاكم صقلية المدعو فرس قد طغى وتجبر على الأهالي فشكوه إلى رومية، فكان شيشرون «المتهم العام» أو النائب العمومي في القضية، فهيأ أركان الاتهام وألقى سبع خطب في صددها فكانت من الفصاحة والبلاغة بحيث فر فرس قبل الحكم.
وكان موضوع خطبه قبيل وفاته تحذير الرومانيين من أنطونيوس القائد المشهور، فتخلص منه هذا بأن أرسل إليه من اغتاله.
وقد ألقى الخطبة التالية وهو يتهم فرس بأنه جلد أحد الرومانيين الذين تكفي نسبتهم إلى مدينة رومية في حقهم في ألا يجلدوا، قال:
وحدث أن فرس جاء في ذلك اليوم إلى مسانا فقدمت القضية له وقيل له إن الرجل روماني وأنه يشكو من أنه قد حبس في محاجر سيراقوز، وكيف أنه عندما كان يوشك أن ينزل إلى السفينة أخذ يفوه بألفاظ الوعيد يهدد بها فرس فأعيد ثانيا واعتقل ريثما يقر قرار فرس على ما يريد أن يفعله معه.
وعندئذ يشكر فرس هؤلاء الأشخاص الذين اعتقلوا هذا الروماني ويحمدهم على نشاطهم وحسن صنيعهم. ثم يأتي وهو ثائر بالشر والجنون «إلى الفورم»، عيناه تقدحان والقسوة تبدو من وجهه والناس صامتون ينتظرون ما يشير به، ماذا يريد أن يفعل؟ إنه يأمر في الحال بأن يقبض على الرجل وأن يجرد من ملابسه ويقيد في وسط الفورم ثم تعد الأسواط، ويصيح الرجل في تعسه وشقاوته بأنه روماني وأنه أيضا معدود من أهل كوزا الحاصلة على الحقوق البلدية وأنه قد خدم في الجيوش الرومانية تحت قيادة الفارس الروماني العظيم لوقيوس برينيس الذي يسكن في مدينة بانورماس، وكان فرس يستطيع أن يسأله عن صحة هذه الدعوى.
إن فرس يقول إنه كان قد تحقق من أن المتهم قد أرسله العبيد الآبقون إلى صقلية لكي يكون عينا يتجسس لهم، وهذه تهمة لم تقم عليها بينة وليس لها أصل، بل ليس هناك أقل شبهة في وجودها في رأس أي إنسان، ثم يأمر فرس أن يجلد الرجل بالسياط على جميع جوانب جسمه.
رجل روماني يجلد بالسياط أيها القضاة في وسط الفورم! وطول مدة هذا الجلد لا يتأوه الرجل ولا يسمع منه في وسط آلامه وبين قرقعة الأسواط سوى هاتين الكلمتين: «أنا روماني!»
كان هذا الرجل يتخيل أنه بهاتين الكلمتين يستطيع أن يدفع عن نفسه هذه السياط ويقي نفسه عذاب الجلد، ولكن هذه الكلمات لم تقلل من عنف السياط ولم يجده رجاؤه وإثباته أنه روماني شيئا إذ رأى بعد الجلد أنه قد أحضرت له خشبة لكي يصلب عليها، ولم يكن قد رأى قبلا أن الاستبداد والجبروت يصلان إلى هذا الحد.
فواها على اسم الحرية الحلو! ووا أسفا على حقوق الحرية الرومانية ... أيها القضاة، هذه سلطتكم التي أسفنا لضياعها قد ردها إليكم الرومانيون فانظروا كيف يعامل روماني في مدينة من مدن حلفائنا المتحدين معنا، يقيد ويجلد بالسياط في وسط الفورم بأمر رجل لم يحصل على مركزه إلا بفضل الرومانيين. (4) خطبة للقديس برنار
كان القرن الثاني عشر قرن الحروب الدينية الصليبية، فكان التعصب رأس الفضائل عند المسلم والنصراني وكان هو الزاد الذي تغتذي به القوة المعنوية لكل من الفريقين. وكان القديس برنار رأس أحد الأديرة في فرنسا، وقد عاش من 1091 إلى 1153م. وكان إذا خطب امتلك قلوب سامعيه لما كان في كلماته من الإغراء وقوة الإقناع حتى «كانت الأمهات يخفين أولادهن والزوجات أزواجهن والناس أصدقاءهم» عندما كان ينزل ببلدة ليخطب فيها خوفا عليهم من إغراء الخطيب لهم. وكان جل خطبه في الحض على مقاتلة المسلمين وإجلائهم عن سوريا وفلسطين. ويحسن أن يقارن القارئ بين هذه الخطبة وبين خطبة ابن الزكي التي ألقاها عند فتح صلاح الدين لبيت المقدس، ففي كلتا الخطبتين روح دينية هوجاء كلها بغض وكلها تعصب كأن الحب والتسامح منكران لا ينبغي لأحد أن يدين بهما.
Unknown page