لولا أنّا شرطنا ألا نقدّم في هذا الكتاب إلاَّ أشعار المتقدمين ثمَّ نأتي بعد ذلك بالنظائر للمحدثين والمتقدمين، لكان سبيلنا أن نجعل هذه الأبيات الإمام في هذا المعنى لجودة ألفاظها وصحة معانيها وأنَّها واسطة القلادة في هذا المعنى والمعاني في صفة المشي كثيرة التصرّف، فمن الشعراء من شبه المشي بتحريك الأغصان، ومنهم من ذكر ذلك بانسياب الحية، ومنهم من وصفه بمرور السحاب، إلى أشياء من التشبيهات كثيرة، ونحن نذكر من كل هذه الصفات والتشبيهات ما يعنّ لنا بحول الله وقوته.
العَرْجيّ:
يمشي كما حرّكت ريحٌ يمانيَةٌ ... غُصْنًا من البانِ رطبًا طلَّه الرِّهَمُ
وإلى هذا نظر البحتري في قوله:
تهتز مثل اهتزاز الغصن أتْعَبه ... مرور غيث من الوسميّ صحّاحِ
وقال ذو الرمّة:
مشَين كما اهتزّتْ رِماحٌ فسفَّهتْ ... أعاليَها مرضى الرياح النَّواعِمِ
آخر:
تأوّدنَ لمّا أن تهادَين نحونا ... كما حرَّكتْ ريح العشياتِ خروعا
آخر:
يمشين مشي قطا البطاح تأوُّدًا ... قُبَّ البطون رواجحَ الأكْفالِ
وأول من شبه مشي المرأة بمشي السكران امرؤ القيس بقوله:
وإذْ هي تمشي كمشي النَّزي ... ف يصرَعُه بالكثيبِ البُهُرْ
وشبهه المنخل اليشكري بمشي القطاة فقال:
ودفعتها فتدافعت ... مشي القطاة إلى الغديرِ
وقال ابن ميَّادة:
1 / 56