تحولت عن موقفي في حيرة، وذهبت إلى مشواري وأنا أتساءل: ترى أين هي؟ هل تقيم في حي آخر؟ هل لحقت بابنها في الخارج؟ هل رحلت عن دنيانا دون أن نعلم رغم القربي؟ وهل يصلح ذلك نهاية لذلك التاريخ المؤجج بالعواطف والأحلام؟
وجمعني في نفس العام مأتم مع الباقين من الأسرة، فسألت أحدهم: ماذا تعرف عن ست سامية؟
فرفع حاجبيه بدهشة، وقال: أعتقد أنها ما زالت تقيم في البيت القديم.
وجه من الماضي
رأيت ست نفوسة في المنام. ماذا جاء بك بعد غياب سبعين عاما بل يزيد؟ كانت طلعتك بهية، وبشرتك صافية، وشعرك غزيرا. وكان بيتك يطل على النيل. وكنا نزورك كثيرا، وكنت أعتبر أوقات زيارتك من أسعد الأوقات. ومن نافذة الحجرة كنت أغوص ببصري في الأمواج الهادئة فيسبح حتى الشاطئ البعيد.
ولم يبق من الحلم إلا وجهك، وتساؤلي: ترى أما زالت على قيد الحياة؟
أما وقائع الحلم فقد تلاشت بعد استيقاظي مباشرة.
المطر
دفعنا المطر إلى مدخل بيت قديم. في الخارج صوت انهلال المطر وهزيم الرعد، وفي الداخل لون المغيب. وقفنا متقابلين في المدخل الضيق، وليس معنا إلا بئر السلم وأفكارنا الخفية. قلت لنفسي: يا لها من امرأة! وسرحت هي في الجو البارد معتزة محتشمة.
قالت وكأنما تحدث نفسها: هذا المطر مقلب ما بعده مقلب.
Unknown page