نَبَتَتْ شَجَرَةُ الْخُرْنُوبَةِ قَالَ: لِأَيِّ شَيْءٍ أَنْتِ؟ قَالَتْ: لِمَسْجِدِكَ أُخَرِّبُهُ قَالَ:
تُخَرِّبِينَهُ؟! قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: بِئْسَ الشَّجَرَةِ أَنْتِ. فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ تُوُفِّيَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ فِي مَرْضَاهُمْ: لَوْ كَانَ [لَنَا] مِثْلُ سُلَيْمَانَ. فَأَخَذَتِ الشَّيَاطِينُ فَكَتَبُوا كِتَابًا فَجَعَلُوهُ فِي مُصَلَّى سُلَيْمَانَ وَقَالُوا: نَحْنُ نَدُلُّكُمْ عَلَى مَا كَانَ سُلَيْمَانُ يُدَاوِي بِهِ. فَانْطَلَقُوا فَاسْتَخْرَجُوا ذَلِكَ [الْكِتَابَ] فَإِذَا فِيهِ سِحْرٌ وَرُقًى. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ إِلَى قَوْلِهِ: فَلَا تَكْفُرْ.
«٤٦» - قَالَ السُّدِّيُّ: إِنَّ النَّاسَ فِي زَمَنِ سُلَيْمَانَ اكْتَتَبُوا السِّحْرَ فَاشْتَغَلُوا بِتَعَلُّمِهِ، فَأَخَذَ سُلَيْمَانُ تِلْكَ الْكُتُبَ [وَجَعَلَهَا في صندوق] ودفنها تَحْتَ كُرْسِيِّهِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ. فَلَّمَا مَاتَ سُلَيْمَانُ وَذَهَبَ [الَّذِينَ] كَانُوا يَعْرِفُونَ دَفْنَهُ الْكُتُبَ، تَمَثَّلَ شَيْطَانٌ عَلَى صُورَةِ إِنْسَانٍ، فَأَتَى نَفَرًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى كَنْزٍ لَا تَأْكُلُونَهُ أَبَدًا؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَاحْفُرُوا تَحْتَ الْكُرْسِيِّ، فَحَفَرُوا فَوَجَدُوا تِلْكَ الْكُتُبَ، فَلَمَّا أَخْرَجُوهَا قَالَ الشَّيْطَانُ: إِنَّ سُلَيْمَانَ كَانَ يَضْبِطُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ وَالشَّيَاطِينَ وَالطَّيْرَ بِهَذَا. فَاتَّخَذَ بَنُو إِسْرَائِيلَ تِلْكَ الْكُتُبَ، فَلِذَلِكَ أَكْثَرُ مَا يُوجَدُ السِّحْرُ فِي الْيَهُودِ. فَبَرَّأَ اللَّهُ ﷿ سُلَيْمَانَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ.
[٢١] قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا الْآيَةَ. [١٠٤] .
«٤٧» - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ: وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِهَا، فَلَمَّا سَمِعَتْهُمُ الْيَهُودُ يَقُولُونَهَا لِلنَّبِيِّ ﷺ، أَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ. وَكَانَ رَاعِنَا فِي كَلَامِ الْيَهُودِ السَّبُّ الْقَبِيحُ فَقَالُوا: إِنَّا كُنَّا نَسُبُّ مُحَمَّدًا سِرًّا، فَالْآنَ أَعْلَنُوا السَّبَّ لِمُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِهِمْ. فَكَانُوا يَأْتُونَ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ، فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، رَاعِنَا وَيَضْحَكُونَ، فَفَطِنَ بِهَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَهُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَكَانَ عَارِفًا بِلُغَةِ الْيَهُودِ، فَقَالَ: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ، عَلَيْكُمْ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَئِنْ
_________
(٤٦) مرسل.
(٤٧) عزاه السيوطي في (لباب النقول) ص ١٩ والدر (١/ ١٠٣) لأبي نعيم في الدلائل من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وقال: هذا السند واه.
1 / 36