96

Arkhas Layali

أرخص ليالي

Genres

وجاء الدور على المعلم ليبتسم، فتبين سنته الأمامية المطلية بالبلاتين، ونفض ما علق في بلغته من تراب وهو يقول: حلو، آدي الجمل وآدي الجمال.

وكانت أسماع الجالسين حول المعلم قد اجتذبها الحديث، وأصاخت، فاستعذبت الحديث، وعلا صوت حمودة، وترددت صيحته بين جنبات القهوة، وكأنه ينادي على الركاب قائلا: والنبي لما يكون ابن جنية، دانا أكله، دانا مضيع عليها شبابي.

وتلفت الجالسون يبحثون دو وعي عن مليم فلم يجدوه، وارتفعت همساتهم تتساءل، وأراحهم المليم حين أقبل بعد قليل، وقد ملا دور الماء للقهوة، وتحولت الأنظار إليه وهو يتمخطر تحت عبء الصفيحتين الممتلئتين وواحدة تجذبه بثقلها والأخرى تدفعه، ورجلاه تنتفخ عضلاتهما وهما تأخذان طريقهما بين الصفيحتين في حنكة وخبرة وقوة.

وقهقه مليم لما رأى نفسه محطا للأنظار، ورقص بالصفائح.

وأعجب نبقة رقصه فاتخذ البوفيه طبلة وراح ينقر، وساح المليم رقصا، وقد ترك العصا ترتكز وحدها على مؤخرة عنقه، بينما يده قد ارتفعت إلى فوق، والأخرى قد وضعها في وسطه.

وابتسم المعلم، وانفرجت أسارير حمودة، وانهالت اللعنات والألسنة تهري مليم، ثم سكتت الضجة قليلا حين علا صوت المعلم: اسمع يا واد يا مليم، فيكشي عشرتين بأربعة صاغ.

ورد مليم وهو لا يزال يرقص: أربعة ساغ، أربع برايز، أربع وقات، أربعة النينو كوانينو، كله ماشي يا معلم، ما يهمكش، ملعون أبو الدنيا، ملعون أبو ...، ملعون أبويا، هأوو.

وتوالت الأحداث مسرعة.

فحالا أعدت أحسن منضدة أمام حمودة، وكانت هي الوحيدة التي لها سطح من الأبلكاش الناعم لولا بعض الحفر السوداء التي صنعتها بقايا السجائر والبصابيص فيه. وتولى الجالسون أمر الصفيحتين فأنزلوهما، وأفرغوهما في الزير الراقد بجانب النصبة. وتولى آخرون دفع المليم وهو يتدلل ويصدر كل الأصوات التي تجيء على خاطره من فمه ومن أنفه على حد سواء، والكل يعرف أنه في لحظته تلك أسعد خلق الله؛ لأنه سيلعب وما أدراك ما هو المليم حين يلعب؟

وما إن استوى مليم في مكانه، حتى تلفت حوله، ثم دق المنضدة بجمع يده وهو يقول كالأسد: أجدع كوتشينة يا وله.

Unknown page