92

Arkhas Layali

أرخص ليالي

Genres

وطال عليه الليل وهو نصف نائم يرنو إلى ساعة الميدان، ويستعجل الوقت الذي يتهادى في بطء ثقيل الدم.

وما جاءت السابعة حتى كان في المحافظة ينتظر الطبيب وينش الناس من حولهما كما ينش الذباب وزغاريد زبيدة تلعلع بلا انقطاع. وأخيرا جاء الطبيب، وبعد كثير كان هو وزبيدة أمامه، وقلب الرجل الأوراق، ثم قال وهو يؤشر عليها: خدها القصر العيني عشان تتحط تحت الملاحظة.

وأخذها الشبراوي مستسلما وخرج، ومن ترام إلى ترام وصل القصر العيني، وسأل واحدا فلم يجبه، ونظر آخر إلى زبيدة ثم مضى، ودلته تمرجية عجوز على الاستقبال.

واستمع الطبيب إلى زبيدة وهي تهتف بسقوط العمدة وحياة الريس، وضحك كثيرا وهو يسألها فتجيبه وتهلوس وهي تجيب، وكان حين يضحك يرتاح الشبراوي أيما ارتياح، ويطمئن. ولكن الطبيب اتخذ في النهاية طابع الجد وأخبره أن لا مكان لها في قسم الملاحظة، وكتب هذا على الأوراق.

وسأله الشبراوي وروحه تحت لسانه: وأعمل إيه؟ - روح المحافظة تاني. - تاني!! - أيوه تاني.

وكان وهو خارج يحمل الدنيا فوق قرنه، وفعلا راودته نفسه أن يقتل زبيدة ويقتل الأطباء كلهم، ثم يعمل مجنونا وينتهي، ولكن الأمر لم يتعد حدود المراودة البريئة.

وعاد إلى المحافظة وهو يلهث، وقرأ الطبيب ما كتب الطبيب وقلب الأوراق مرة أخرى، ثم فاجأ الشبراوي بسؤاله إن كان قد أحضر أحدا من أقاربها، وأحس الشبراوي بغصة وهو ينفي أنه أتى بأحد.

وأخبره الطبيب أن هذا ضروري لملء استمارة المستشفى، وأن عليه العودة ببساطة من حيث جاء.

وبهت الشبراوي واصفر وهو يقول: أرجع الدقهلية بيها؟! - أيوه.

وضربها الشبراوي في عقله فوجد أن هذا أحسن حل، ولكنه تنبه إلى أمر ذي بال، فقال للطبيب: مش ممكن يا بيه، دانا معايا استمارة رجوع واحدة بس بتعتي. - يا ابني لازم حد من قرايبها. - أنا في عرضك يا بيه. - يا ابني دي مسئولية ما أقدرش أتحملها.

Unknown page