Ardashir Wa Hayat Nufus
أردشير وحياة النفوس: قصة غرامية تلحينية
Genres
الجمال الفني: الشعر والموسيقى والتصوير (هدية الأستاذ الفنان عنايت الله إبراهيم).
وللأستاذ أبي شادي أسلوب خاص في الشعر قد لا يرضي طائفة من القراء والأدباء قد أولعت بالأناقة اللفظية، ولا بد لنا في هذه المناسبة من أن نحدد أثر هذا الأسلوب في كتابة الأوبرا، ولا نريد في الوقت نفسه أن نتعرض هنا لمناقشة وجوه الرأي في موقف تلك الطائفة وما هي عليه من خطأ أو صواب. أمامنا الآن قصة شعرية غنائية لم تكتب لتقرأ فقط بل لتظهر على المسرح وتكون قطعة فنية يشهدها الخاصة والعوام. هكذا يريد لها مؤلفها وغير مؤلفها: فهو يبغي قبل كل شيء أن يعرض أمام الناس فنا سائغا مفهوما سهلا لا أن يجعلها معرض صناعة كلام، وطنطنة ألفاظ تعودنا أن نسمعها في كل شعر يقال في مصر، ولا نستثني من ذلك إلا أقلية الشعر الذي يكتبه المجددون ... ومثل تلك الأساليب التي تعنى بأدب الشكل في الصياغة اللفظية ولا يهمها الجوهر كفيلة بأن تميت بطريقتها أبرع فنون الأدب إذا ظهرت في ثوبها! وقام بسببها في أذهان الناس أن الشعر تجمل وضرب من ضروب الشعوذة لا طائل من ورائه! ولم يجر الشعر إلى هذا الحضيض وينفر الناس منه في هذا البلد إلا ما درج عليه أغلب الشعراء من تقليد العرب وتأثرهم بمعاييرهم الأدبية فيما يسمونه بشرف الديباجة وجزالة اللفظ إلى أمثال تلك الدعاوى العريضة التي لا نسمع عنها في لغة أخرى غير اللغة العربية! فلمؤلف هذه القصة من جرأته في نبذ تلك التقاليد ما يجعل له فضلا في إعطاء الشعر روحا مصرية غير الروح العربية التي نزيفها، وقد قرب بذلك مسافة الخلف بين اللغة العربية وبين الروح العامة في لغة النشر والحديث، وأفاض عليها لونا يتفق مع طريقة التمثيل وروح الغناء.
الشاعر (هدية الأستاذ الفنان عنايت الله ابراهيم).
تلحين الأوبرا
أيصدق القارئ أن المكافأة التي طلبها ملحن مصري معروف لوضع موسيقى هذه الأوبرا لا يقل عن ألف جنيه، بينما يعلم أن الشاعر المؤلف لن ينال عشر هذا القدر جزاء تفكيره وإيحائه ونظمه؟ ... لا شك في أنه يصعب على القارئ هذا التصديق ... ولنزده علما بأن ملحنا آخر مشهورا لم يستطع تخفيض مكافأته المطلوبة عن خمسمائة جنيه! وهكذا تقام العراقيل عن غير قصد في سبيل نهضة الأوبرا المصرية ...
لسنا من يعترض على حسن مكافأة الملحنين بل نرى هذا واجبا على الفرق التمثيلية تشجيعا لهم على الإتقان الذي تعود نتيجته بالربح الجزيل على هذه الفرق ذاتها، ولكننا في وقتنا الحاضر تعوزنا روح التعاون والتضحية في سبيل النفع العام، وما دام المؤلف يضحي وقلما يتناول أكثر من خمسين جنيها ثمنا لجهده في قصته المسرحية، فالمنتظر من الزملاء الملحنين الأفاضل أن يجاروا هذا الروح إلى أن تتكون وتنهض الأوبرا المصرية الصحيحة، وليس المنشود المراعاة المادية فقط بل العمل على بلوغ أسمى المستطاع من إتقان، واستدراج الجمهور شطر الروح الغربية الراقية الواجب بثها في موسيقانا، ولا سيما في موسيقى الأوبرا.
وهنا أقف قليلا لأترحم على روح نابغة الموسيقى المصرية المغفور له الشيخ سيد درويش الذي أهديت إلى روحه وفنه نظيم هذه الأوبرا، فقد كان الموسيقي الوجداني المطبوع المعبر عن العواطف والمواقف والمعاني أجمل تعبير، المتنقل في غير كلفة بإبداع ساحر من موقف إلى آخر.
والأديب الذي يشهد الهزليات الموسيقية التي ظفرت بتلحينه لا يشق عليه أن يحكم - دون سابق معرفة - بأن أنغامها من وضع الشيخ سيد درويش، لما يتبينه فيها من روح جديد آخذ باللب، ومن تعبير حي لا يسأمه سامعوه، ومن نزعة أوروبية شائقة. وللأسف ترك الشيخ سيد درويش بموته فراغا لم يشغله ملحن نابغة ناشط حتى الآن، ولم يقلد إلا فيما كان يقدره لعمله من أجر عال! ولا تزال موسيقى التخت العقيمة متفشية في المسرح قاتلة للأوبرات، وواقفة في سبيل كل نهضة ميسورة.
كنت أتحدث في هذا الموضوع أمام الممثلة الغنائية الشهيرة السيدة منيرة المهدية فانتقدت عادة مسخ الأوبرات الأوروبية الشهيرة ووضع موسيقى مصرية لها، بدل ترجمتها شعرا وتطبيق الموسيقى الأوروبية على هذه الترجمة، فوافقتني على نقدي وأشارت إلى ما قام به الموسيقار المعروف الأستاذ كامل الخلعي
1
Unknown page