الاربعون حديثا :175
الشرح :
يقول اهل اللغة والتفسير : ان «الفطرة» تعني الخلق . وفي الصحاح : «الفطرة» بالكسر «الخلقة» . ويمكن ان تكون الكلمة ماخوذة من «فطر» اي «شق ومزق» كأن الخلق اشبه بشق حجب العدم والغيب . وبهذا المعنى يكون افطار الصائم ، فكأنه يمزق استمرارية الامساك المتصل .
على كل حال ، البحث اللغوى خارج عن نطاق بحثنا . انما هذا الحديث الشريف اشارة الى الآية المباركة في سورة الروم : «فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون» (1) .
فصل: في معنى الفطرة
اعلم ان المقصود من «فطرة الله» التي فطر الناس عليها هو الحال والكيفية التي خلق الناس وهم متصفون بها والتي تعد من لوازم وجودهم . ولذلك «تخمرت» طينتهم بها في اصل الخلق . والفطرة الالهية كما سيتبين فيما بعد من الالطاف التي خص الله تعالى بها الانسان من بين جميع المخلوقات ، اذ ان الموجودات الاخرى غير الانسان اما انها لا تملك مثل هذه الفطرة المذكورة واما ان لها حظا ضئيلا منها .
وهنا لا بد من معرفة ان الفطرة ، وان فسرت في هذا الحديث الشريف وغيره من الاحاديث بالتوحيد ، الا ان هذا هو من قبيل بيان المصداق ، او التفسير باشرف اجزاء الشيء ، كاكثر التفاسير الواردة عن اهل بيت العصمة عليهم السلام ، وفي كل مرة تفسر بمصداق جديد الاربعون حديثا :176
Page 175