Arbacun Hadithan

Khomeini d. 1409 AH
166

Arbacun Hadithan

الاربعون حديثا

Genres

وعوائق في الطريق ، فلا نسعى لازالتها بالتوبة والانابة والرجوع الى طريق الله ، ولا نعمل على تهيئة زاد وراحلة ، حتى اذا ما ازف الوعد الموعود اضطررنا الى الرحيل دون زاد ولا راحلة . ومن دون العمل الصالح ، والعلم النافع ، اللذان تدور عليهما مؤونة ذلك العالم ، ولم نهيأ لأنفسنا شيئا منهما . وحتى لو كنا قد عملنا عملا صالحا ، فانه لم يكن خالصا بل مشوبا بالغش ، ومع آلاف من موانع القبول . واذا كنا قد نلنا بعض العلم ، فقد كان علما بلا نتيجة وهذا العلم اما ان يكون لغوا وباطلا ، واما انه من الموانع الكبير في طريق الآخرة . ولو كان ذلك العلم والعمل صالحين ، لكان لهما تاثير حتمي وواضح فينا نحن الذين صرفنا عليهما سنوات طوالا ، ولغيرا من اخلاقنا وحالاتنا . فما الذي حصل حتى كان لعملنا وعلمنا مدة اربعين او خمسين سنة تاثير معكوس بحيث اصبحت قلوبنا اصلب من الصخر القاسي ؟ ما الذي جنيناه من الصلاة التي هي معراج المؤمنين ؟ اين ذلك الخوف وتلك الخشية الملازمة للعلم ؟ لو اننا اجبرنا على الرحيل ونحن على هذه الحال لا سمح الله لكان علينا ان نتحمل الكثير من الحسرات والخسائر العظيمة في الطريق ، مما لا يمكن ازالته ! .

اذا ، فنسيان الآخرة من الامور التي يخافها علينا ولي الله الاعظم ، الامام امير المؤمنين عليه السلام ، ويخاف علينا من الباعث لهذا النسيان وهو طول الامل ، لانه يعرف مدى خطورة هذه الرحلة ، ويعلم ماذا يجري على الانسان الذي يجب ان لا يهدأ لحظة واحدة عن التهيؤ واعداد الزاد والراحلة ، عندما ينسى العالم الآخر ، ويستهويه النوم والغفلة من دون ان يعلم ان هناك عالما آخر ، وان عليه ان يسير اليه حثيثا . وما سيحصل له وما هي المشاكل التي يواجهها ؟

يحسن بنا ان نفكر قليلا في سيرة امير المؤمنين والنبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ، وهما من اشرف خلق الله ومن المعصومين عن الخطأ والنسيان والزلل والطغيان ، لكي نقارن بين حالنا وحالهم . ان معرفتهم بطول السفر ومخاطره قد سلبت الراحة منهم ، وان جهلنا اوجد النسيان والغفلة فينا .

ان نبينا صلى الله عليه وآله وسلم قد روض نفسه كثيرا في عبادة الله ، وقام على قدميه في طاعة الله حتى ورمت رجلاه ، فنزلت الآية الكريمة تقول له : «طه * ما انزلنا عليك القرآن لتشقى» (1) . وعبادات علي عليه السلام وتهجده وخوفه من الحق المتعال معروف للجميع .

اذا ، اعلم ان الرحلة كثيرة المخاطر ، وانما هذا النسيان الموجود فينا ليس الا من مكائد النفس والشيطان ، وما هذه الآمال الطوال الا من احابيل ابليس ومكائده . فتيقظ ايها النائم من الاربعون حديثا :171

Page 170