ثم يتفاوت هؤلاء تفاوتا كثيرا : فمنهم من يقبل الجزئيات ويراها في اليقظة فقط ولا يقبل المعقولات؛ ومنهم من يقبل المعقولات ويراها في اليقظة ، ولا يقبل الجزئيات؛ ومنهم من يقبل بعضها ويراها دون بعض؛ ومنهم من يرى شيئا في يقظته ولا يقبل بعض هذه في نومه؛ ومنهم من لا يقبل شيئا في يقظته ، بل إنما يقبل ما يقبل في نومه فقط ، فيقبل في نومه الجزئيات ولا يقبل المعقولات ، ومنهم من يقبل شيئا من هذه وشيئا من هذه؛ ومنهم من يقبل شيئا من الجزئيات فقط؛ وعلى هذا يوجد الأكثر. والناس أيضا يتفاضلون في هذا .
وكل هذه معاونة للقوة الناطقة. وقد تعرض عوارض يتغير بها مزاج الانسان ، فيصير بذلك معدا لأن يقبل عن العقل الفعال بعض هذه في وقت اليقظة أحيانا ، وفي النوم أحيانا. فبعضهم يبقى ذلك فيهم زمانا ، وبعضهم إلى وقت ما ثم يزول. وقد تعرض أيضا للانسان عوارض ، فيفسد بها مزاجه وتفسد تخاييله؛ فيرى أشياء مما تركبه القوة المتخيلة على تلك الوجوه مما ليس لها وجود ، ولا هي محاكاة لموجود. وهؤلاء الممرورون والمجانين وأشباههم .
Page 111