Ar-Raheeq Al-Makhtum
الرحيق المختوم
Publisher
دار الهلال
Edition Number
الأولى
Publisher Location
بيروت (نفس طبعة وترقيم دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع)
Genres
قال عروة بن الزبير: سمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله ﷺ من مكة، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة، فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا انتظارهم، فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله ﷺ وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته يا معاشر العرب، هذا جدكم الذي تنظرون، فثار المسلمون إلى السلاح «١» .
قال ابن القيم: وسمعت الوجبة والتكبير في بني عمرو بن عوف، وكبر المسلمون فرحا بقدومه، وخرجوا للقائه، فتلقوه وحيوه بتحية النبوة، فأحدقوا به مطيفين حوله، والسكينة تغشاه، والوحي نزل عليه: فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ [التحريم: ٤] «٢» .
قال عروة بن الزبير: فتلقوا رسول الله ﷺ، فعدل بهم ذات اليمين، حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الإثنين من شهر ربيع الأول. فقام أبو بكر للناس، وجلس رسول الله ﷺ صامتا، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله ﷺ يحيى- وفي نسخة: يجيئ- أبا بكر، حتى أصابت الشمس رسول الله ﷺ، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرف الناس رسول الله ﷺ عند ذلك «٣» .
وكانت المدينة كلها قد زحفت للإستقبال، وكان يوما مشهودا لم تشهد المدينة مثله في تاريخها، وقد رأى اليهود صدق بشارة حبقوق النبي: إن الله جاء من التيمان، والقدوس من جبال فاران «٤» .
ونزل رسول الله ﷺ بقباء على كلثوم بن الهدم، وقيل: بل على سعد بن خيثمة، والأول أثبت، ومكث علي بن أبي طالب بمكة ثلاثا، حتى أدى عن رسول الله ﷺ الودائع
- على نبوته ثلاثة عشر عاما كاملا عند من يقول: إنه أكرم بالنبوة في ٩ ربيع الأول في سنة ٤١ من عام الفيل، وأما من يقول: إنه أكرم بالنبوة في رمضان سنة ٤١ من عام الفيل فعنده يتم على نبوته- في ذلك اليوم- اثني عشرة عاما وخمسة أشهر و١٨ يوما أو ٢٢ يوما. (١) صحيح البخاري ١/ ٥٥٥. (٢) زاد المعاد ٢/ ٥٤. (٣) صحيح البخاري ١/ ٥٥٥. (٤) صحيفة حبقوق (٣: ٣) .
1 / 155