59

Aqzam Jababira

أقزام جبابرة

Genres

تجمع الناس وقامت صلاة الخوري، وقص السنكسار

20

حكاية المحاكمة والجلد والصلب، فتعالت تأوهات العجائز وتنهدات الشيوخ كأن الضرب يقع على جلودهم. تلي الريش قريان (فصول من أرميا وأشعيا ... إلخ) وأخيرا خص الخوري تيموتاوس الشدياق زكريا بتلاوة «البركسيس» (فصل من أعمال الرسل)، فقرأ ببراعة فصلا أعده منذ العصر وهو خبر تلك «التلميذة» التي ماتت في يافا، ودعي مار بطرس من لدة (اللد) خصيصا ليقيمها من الموت، فما بلغ زكريا هذه العبارة: «وصلى بطرس وصرخ: يا طابيتا قومي، ففتحت عينيها»، حتى صاحت طابيتا من بين النساء: ليتك ما تفتح عينيك، يقصف عمره ما أثقل دمه! هذا شدياق؟ هذا قندلفت؟ هذا شيطان!

فضحك الجميع حتى الخوري العتيق، أما زكريا - وتلك عادته - فما خف وقاره ولا نقص، بل مضى في فصله حتى النهاية كأنما لم يكن شيء مما كان.

وتلا الخوري تيموتاوس بضعة أناجيل بصوت مرتجف؛ لأن الصدمة لم تكن هينة، وختمت الصلاة وارفض الناس حزنانين. وصباح يوم الجمعة تنافسوا في جمع الأزهار أشكالا وألوانا، وجاءوا يطرحونها على قدمي الصليب المنصوب في «الباب الملوكي». وقرب الظهر جنزوا وطافوا بالميت ثلاث مرات في صحن الهيكل، ثم قبلوه واحدا واحدا مودعين، ودفنه الخوري والشمامسة خلف المذبح ليقوم في اليوم الثالث كما هو مكتوب.

وعادوا عشاء وتألبوا حول خوريهم، فقعد المحترم على حجر عال، يحيط به زكريا ورهطه، ومشى الحديث، فصلاة الجمعة خفيفة. شرع الشدياق زكريا يهز من عطف المحترم، ويحك له على الوجع، فاستعرض ذكريات شباب بليق قبل أن قمطته أمه بثياب الدرجة المقدسة، فذكر أحدهم دق الجرس، فقال زكريا: أبونا تيموتاوس دق جرس مار نهرا خمسين نزلة.

21

فقال الخوري: وأنت الصادق يا شدياق، مائة وعشرين نزلة بيدي التنتين، وفوق العشرين بخنصري.

فاستكبرها أحدهم، وقال: أف! فصاح به زكريا: اسكت يا هوه، أنا أخبر منك، قدامي أنا قطع جنزير جرس دير قصحيا بكبسة واحدة، ولو خبرتك عن جرس مار ساسين حاقل كنت تجن. لعب بالسبعين أقة لعبا، وخرزة بير كنيستنا هذه لو كان لها فم تشهد.

ثم التفت إلى الخوري وقال له: بحياة قدسك يا معلمي تخبرهم.

Unknown page