كان الطريق معقدا. في داجليش كانت معظم الطرق مستقيمة، ولكن هنا كانت الطرق تنحرف حول التلال أو تتوارى في المستنقعات، وبعضها يضيق وينقسم إلى طريقين يفصلهما صف من نبات لسان الحمل والهندباء البرية. وفي بعض الأماكن كانت أشجار العليق تلقي فروعها المعترشة على الطريق؛ ذكرتني هذه الأشجار المرتفعة الكثيفة المليئة بالأشواك، ذات الأوراق لامعة الخضرة التي بدت أقرب إلى السواد، بأمواج البحر الذي انشق من أجل موسى.
ثم ظهر الجسر، وبدا كعربتي قطار متحدتين تم تجريدهما من هيكلهما الخارجي، وكان في اتساع حارة واحدة. كما كانت هناك لافتة تقول: إن الطريق غير آمن لعربات النقل. «لن ننجو.» هكذا قال أبي ونحن نتخبط في أرض الجسر. «ها هو ميتلاند العتيق.»
سألت شقيقتي: «أين؟ من؟ أين هو؟»
قالت أمي: «نهر ميتلاند.»
نظرنا إلى الأسفل، حيث الدرابزين المنهار على جانبي الجسر، ورأينا المياه الصافية بنية اللون تتدفق فوق أحجار ضخمة ومظلمة، بين ضفتين نمت عليهما أشجار الأرز، ثم تنكسر في صورة تموجات مبهجة بعد ذلك. كان جسدي يشتاق إليها.
سألت: «هل يذهبن للسباحة؟» كنت أقصد عماتي. فكرت في أنهن لو كن يذهبن للسباحة، فربما يأخذنني معهن.
قالت أمي: «السباحة؟ لا أستطيع تخيلهن. هل يفعلن هذا؟» وجهت السؤال لأبي. «ولا أنا أيضا أستطيع تخيلهن يسبحن.»
كان الطريق يصعد بنا لأعلى التل، بعيدا عن شجيرات الأرز الكئيبة على ضفاف النهر. بدأت أقول أسماء عماتي: «سوزان. كلارا. ليزي. ماجي. جينيت هي من ماتت.»
قال أبي: «وآني، لا تنسي آني.» «آني. ليزي. قلت اسمها قبلا. من فاتني اسمها؟»
ردت أمي وهي تنقل سرعة السيارة بدفعة صغيرة غاضبة: «دوروثي.» وصلنا إلى قمة التل، تاركين وراءنا المنطقة الغائرة التي تضم الشجيرات داكنة اللون. وعلى القمة هنا كانت توجد تلال عشبية مغطاة بحشيشة اللبن المزهرة ذات اللون الأرجواني، وأزهار البازلاء البرية المتفتحة، وأزهار السوزان ذات العيون السوداء. نادرا ما وجدت الأشجار هنا، ولكن ثمة الكثير من شجيرات البلسان التي تنمو بطول الطريق. بدت كما لو أنها رشت بالثلج. وكان هناك تل مكشوف يعلو غيره من التلال.
Unknown page