Aqbat Wa Muslimun
أقباط ومسلمون: منذ الفتح العربي إلى عام ١٩٢٢م
Genres
رأى الإمبراطور هرقل في منامه، عندما أخذ نجمه في الأفول، أن شعبا مختونا سيثور عليه ويهزمه ثم يحكم العالم كله، اعتقد هرقل أن هذا الشعب ما هو إلا الشعب اليهودي، فأمر في الحال بتعميد جميع اليهود والسامريين، الذين كانوا يقطنون في مختلف ولايات الإمبراطورية.
40
ولم يكن اليهود في ذلك الوقت يفكرون في القيام بثورة، ولم تكن عندهم الوسائل التي تسمح لهم بالقيام ضد الإمبراطورية البيزنطية، ولكن عندما تغلغل العرب في أراضي العدو، تذكر اليهود أعمال العنف والاضطهاد التي تحملوها في عهد البيزنطيين، وعرضوا في الحال على العرب الغزاة خدماتهم وأعطوهم المعلومات التي تفيدهم، وبذلوا لهم المساعدة في سوريا ومصر.
هل يصح أن نعتمد على هذه الأحداث ونقول إن الأقباط، مثل اليهود، أرادوا أن ينتقموا ممن اضطهدهم في تلك الظروف الحرجة؟ لا نجرؤ على ذلك؛ لأن الأقباط فوجئوا بتقدم العرب غير المنتظر، فبقوا حيارى زمنا طويلا وتركوا الحوادث تقرر مصيرهم، ولما أرادوا أن يتخذوا موقفا إيجابيا، كان السيف قد سبق العزل؛ لأن قرارهم جاء متأخرا.
ولو تواطأ العرب مع كبار الأقباط أن يخوضوا المعركة لاستطاعوا دون شك أن يعتمدوا على تعاون الشعب لهم، ولكن الشعب كان يجهل نيات العرب، فخاف أن يظهر عداءه لبيزنطيا في أثناء المعركة، قبل أن تصبح بيزنطيا على هاوية الانكسار. (3-2) كان الأقباط يريدون تغيير حكامهم
اضطهد هرقل اليعقوبيين ليفرض عليهم الحل الذي اقترحه باسم «الإكتيز» ويعيدهم إلى الكنيسة البيزنطية، فزاد كره الأقباط لبيزنطيا، ولكن هذا الاضطهاد لم يكن السبب الوحيد، الذي دعى الشعب إلى الرغبة في تغيير حكومته، لقد كان في استطاعة هرقل أن يحد من الأثر السيء الذي أحدثته سياسته الدينية في روح هذا الشعب لو أنه خفض قيمة الضرائب، وكان القائد «نكيتاس» قد اختبر هذا الحل بعد انتصاره على «فوكاس» فأرجأ دفع الضرائب لمدة ثلاث سنوات، واعترف حنا النقيوسي «بأن المصريين أظهروا له ولاء عظيما».
41
والمعلوم أن المصري كره دفع الضرائب منذ العصور القديمة، فكان يظهر طاعته للحكام الذين كانوا يضربون صفحا، لسبب من الأسباب، عن تحصيل الضرائب المستحقة عليه، بينما كان لا يكتم عداوته للسلطة التي تفرض عليه تلك الضرائب .
وكتب «اميان مرسيلان»
Ammien Marcellin ، المؤرخ الروماني الذي عاش في القرن الرابع، يقول: «كان المصريون في العصور القديمة يعتبرون أنفسهم سذجا فيما لو سددوا ما عليهم دون أن يضطروا إلى ذلك بالقوة، أو على الأقل بالوعيد.»،
Unknown page