Aqbat Wa Muslimun
أقباط ومسلمون: منذ الفتح العربي إلى عام ١٩٢٢م
Genres
ولم يجرؤ أحد أن يفرض الجزية على هؤلاء العرب، ولكن قبيلة نجران وافقت على بعض الشروط، التي فرضت فيما بعد على الشعوب المغلوبة، ومع ذلك حرص المسلمون أشد الحرص، عند تحرير الميثاق، على عدم جرح عواطف مواطنيهم المسيحيين، فلم يعطوا لهذا الاتفاق قوة التنفيذ، ولدينا بعض الأمثلة: (1)
كان للنبي أن يتصرف في أملاك وعبيد القبيلة، ولكنه في الواقع ترك لها حق استثمارها مقابل دفع ضريبة سنوية قدرها ألف حلة. (2)
وكان على أهل نجران المسيحيين أن يستضيفوا مبعوثي النبي «لا يذكر الجند بوجه التحقيق» وذلك لمدة ما بين عشرين يوما فما دون ذلك، ولا تحبس رسل فوق شهر. (3)
وإذا نشبت الحرب في اليمن، كان عليهم أن يقرضوا ثلاثين جملا وثلاثين حصانا. (4)
وكان عليهم أيضا أن يكفوا عن مزاولة الربا. (5)
ولا يستطيع أحد أن يكره رجال القبيلة على ترك دينهم وذلك مهما كانت الظروف.
18
وكذلك لم يفكر أحد في فرض الجزية على مسيحيي قبيلة بني تغلب، وطلبوا منهم فقط أن يدفعوا ضعف ما كان يدفعه المسلمون من الزكاة، على أن تشمل الضريبة نساءهم، ويستنتج من ذلك أن ما فرضه المسلمون على هؤلاء العرب على أنه زكاة، كانوا يفرضونه على مسيحيي البلاد المغلوبة على أنه جزية.
19
وإذا تركنا جانبا تلك الشروط، نقول: إن المسيحيين العرب نعموا مدة طويلة بامتيازات أنكرها العرب على الشعوب الأخرى التي اعتنقت الإسلام، ومثال ذلك انخرط المسيحيون العرب في سلك الجيش، وقاتلوا ضمن الفرق التي غزت بلاد الفرس وزحفت على مصر، في حين أن الأقباط الذين اعتنقوا الإسلام لم يقبلوا في الحال في صفوف الجيش العربي، وعندما قبلوا فيما بعد، أدخلوا في فرق المشاة، وهذا يعني أنه في حالة انتصار الجيش، لم يكن لهم الحق إلا في نصف نصيب الفرسان في الغنائم،
Unknown page