[الفائدة الثامنة: في الدليل]
الدليل لغة ما يعرف طرق الأمكنة على وجه يقتدى به، أو بقوله، جمادا كان أو حيوانا، عاقلا كان أو غير عاقل، والدلالة لغة: العلامة، وأما في الاصطلاح فهما بمعنى واحد، وهو ما إذا نظر الناظر فيه نظرا صحيحا، أوصله إلى المطلوب ومن خص استعمال الدليل بما يوصل إلى العلم، قال: أوصله إلى العلم بالغير إذ ما يوصل إلى الظن يسمى أمارة، وإطلاق اسم الدليل عليه مجاز، ولا يشترط في الدليل أن يكون واضعه وضعه لذلك، كما قال السيد مانكديم محتجا بأنه لا يقال في أثر اللص أنه دليل عليه، وإن أمكن الاستدلال به على موضعه؛ لأنه لم يضعه لذلك لمبالغته في إخفاء نفسه، لأنا نقول قد حصل الغرض، وإن لم يقصده فعدم القصد لا يخرجه عن كونه دليلا كما أن ترك النظر في الدليل لا يخرجه عن كونه دليلا.
إذا عرفت هذا فاعلم أن الأدلة خمسة: العقل، والكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، وللاستدلال بكل منها شروط. أما العقل فيشترط في الاستدلال به أن يستقرأ طرق الشرع، فلا يوجد للحادثة حكم فيها إلا أن تكون قضية العقل مطلقة؛ فلا يشترط ذلك، لأن قضيته المطلقة لا يرفعها الشرع كقبح الظلم، ومن يجوز أن لا يكون للحادثة حكم للعقل زاد وأن يكون للعقل حكم في الحادثة.
وأما من يقول لابد له فيها من حكم فلا حاجة له إلى هذا الشرط.
Page 1