كانت تقول: إذا أكلت الطعام المختلف فيه لا يشرف لبنها.
وجملة الأمر كان مجموع قرائن أحوال رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
* قلت: قال الشيخ الكتاني: جرت المشيئة الإلهية الأزلية بإيجاد الإنسان الكامل أولا وبالذات من الذات الأحدية، وجعله أصلا ومنبعا لجميع العوالم الخلقية، ومادة ممدة لكل ذرة من ذرات البرية، فكان منه الأمر والخلق، وكل جمع وفرد، ومنه المبدأ وإليه المنتهي وفيه كل ما يرام ويشتهى والمفاض عليه سر الذات والمحلى بحلي الصفات، والمسمى بالأسماء العلية، والمخلوق على الصورة الجليلة البهية، والمعلم بلا واسطة، والمقرب بدون رابطة، والمعنى دون غيره حقيقة بالخطاب، والمنزل عليه أصالة كل ما أنزل من كتاب.
فهو رسول الرسل ونبي الأنبياء، هو المبعوث إلى كل من تقدم أو تأخر من الأمم وسائر البرية وجميع الأصفياء والمعطى جزاما والخليفة، المفوض إليه أمر العوالم كلها وفاقا بين المحمديين من أهل الله لا خلافا، أشرف الموجودات مكانة ومكانا، وأعلاها وأسماها منزلة ومنزلا وأولاها، أدار الله عليه رحى مخلوقاته، وجعله قطب فلك جميع مصنوعاته، فكان لهذا العالم الكوني القطب الأصلي والأب الحقيقي لكل موجود منه فرعي أو أصلي، والقطبية لغيره بحكم النيابة عنه والعارية، والكل في قبضته وتحت ولايته الممتدة والسارية.
وقد غسل قلبه (صلى الله عليه وسلم) بعد ما شق بماء النسيم في طست من ذهب مملوء ثلج؛ فهو أنقى الخلق وأتقاها، استخرجا قلبه (صلى الله عليه وسلم) ملكان عظيمان أجل الملائكة، فشقاه، فاستخرجا منه علقة سوداء، فطرحاها، ثم غسلا قلبه وبطنه بذلك الثلج حتى أنقياه.
ورأت أمه حين وضعته نورا خرج منها أضاءت له قصور بصري، ولم تجد في حملها به ما تجده النساء من المشقة، وإنما عرفت حملها به بإخبار ملك أتاها بين النوم واليقظة، وبشرها بأنها حملت بسيد هذه الأمة ونبيها، مع ارتفاع حيضتها، وانتقال النور الذي كان في وجه عبد الله والده إلى وجهها.
وحصلت ليلة مولده إرهاصات كثيرة منها:
Page 141