وقال عمر بن الخطاب: «والله ما تدري نفس ما ذا مفعول بها، ليس هذا إلا للرجل الذي قد بين له أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» (صلى الله عليه وسلم)، أفرده الحاكم، ورفع ذكره؛ فلا يذكر الله جل جلاله في أذان ولا خطبة ولا تشهد إلا ذكر معه، وعرض عليه أمته بآخرهم حتى رآهم، وعرض عليه ما هو كائن في أمته حتى تقوم الساعة.
قال الأسفراييني: وعرض عليه الخلق كلهم من لدن آدم فمن بعده، كما علم أسماء كل شيء، وهو سيد ولد آدم (1)، وأكرم الخلق على الله، فهو أفضل من سائر المرسلين، وجميع الملائكة المقربين، وكان أفرس العالمين، عد هذه ابن سراقة، وأيد بأربعة وزراء:
جبريل وميكائيل وأبي بكر وعمر، وأعطي من أصحابه أربعة عشر نجيبا، وكل نبي أعطي سبعة، وأسلم قرينه، وكان أزواجه عونا له، وأصحابه أفضل العالمين إلا النبيين وكلهم يجتهدون.
ولهذا قال: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم (2)»، ومسجده أفضل المساجد، وبلده أفضل البلاد بالإجماع، فيما عدا مكة على أحد القولين فيها وهو المختار، وتربتها مؤمنة، وغبارها يطفئ الجذام، ونصف أكراش الغنم فيها، مثل ما عليها في غيرها من البلاد، ولا يدخلها الدجال ولا الطاعون، وصرف الحمى عنها أول ما قدمها، ونقل حماها إلى الجحفة، ثم لما أتاه جبريل بالحمى والطاعون أمسك الحمى بالمدينة، وأرسل الطاعون إلى الشام، ولما عادت الحمى إلى المدينة باختياره إياها لم تستطع أن تأتي أحدا من أهلها، حتى جاءت وقفت ببابه واستأذنته فيمن يبعثها إليه، فأرسلها إلى الأنصار (3)، وأحلت له مكة ساعة من نهار، وحرم ما بين لابتي المدينة.
وقال المازري والقاضي عياض: لا تقتل حيات المدينة التي للنبي (صلى الله عليه وسلم) إلا بإنذار، والحديث الوارد في إيذان الحيات خاص بها، ويسأل عنه الميت في قبره، واستأذن ملك
Page 139