الكفار بتأخير العذاب عنهم، ولم يعاجلوا بالعقوبة كسائر الأمم المكذبة، وبأن الله أقسم بحياته وأقسم على رسالته، وتولى الرد على أعدائه، وخاطبه بلطف ما خاطب به الأنبياء، وقرن اسمه باسمه في كتابه، وفرض على العالم طاعته والتأسي به فرضا مطلقا لا شرط فيه ولا استثناء، ووصفه في كتابه عضوا عضوا، ولم يخاطبه في القرآن باسمه، بل: يا أيها النبي يا أيها الرسول، وحرم على الأمة نداءه باسمه.
وكره الشافعي أن نقول في حقه: (الرسول) بل (رسول الله)؛ لأنه ليس فيه من التعظيم ما في الإضافة، وفرض على من ناجاه أن يقدم بين يدي نجواه صدقة ثم نسخ ذلك، ولم يره في أمته شيئا يسوؤه حتى قبضه بخلاف سائر الأنبياء، وبأنه حبيب الرحمن، وجمع له بين المحبة والخلة، وبين الكلام والرؤية، وكلمه عند سدرة المنتهى، وكلم موسى على الجبل، قاله ابن عبد السلام.
وجمع بين القبلتين والهجرتين، وجمع له بين الحكم بالظاهر والباطن معا، ونصر بالرعب مسيرة شهر أمامه وشهر خلفه، وأوتي جوامع الكلم، وأوتي مفاتيح خزائن الأرض على فرس أبلق عليه قطيفة من سندس، وكلم بجميع أصناف الوحي، عد هذه ابن عبد السلام.
وهبط عليه إسرائيل ولم يهبط على نبي قبله، عد هذه ابن سبع، وجمع له بين النبوة والسلطان، عد هذه الغزالي في الإحياء.
وأوتي علم كل شيء إلا الخمس التي في قوله تعالى: إن الله عنده علم الساعة [لقمان: 34].
وقيل: إنه أوتيها وأمر بكتمها، والخلاف حار في الروح أيضا، وبين له أمر الدجال ما لم يبن لأحد، ووعد بالمغفرة، وهو يمشي حيا صحيحا.
قال ابن عباس: ما أمن الله أحدا من خلقه إلا محمدا.
قال: ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر [الفتح: 2].
وقال الله تعالى للملائكة: ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم [الأنبياء: 29].
Page 138