وقال الحرالي: النبوة الخاصة به (صلى الله عليه وسلم) هي نبوة الرفعة المشتقة من نبوة الأرض، وهو ما ارتفع منها، فلرفعته في وجوه الرفعة كلها عروجا وتدليا رفعة إحاطة لا رفعة اختصاص كان (صلى الله عليه وسلم) نبي النبوة التي هي علو، وعلت نبوته عن أن تكون خبرا من النبأ؛ لاستغنائه بالعلم عن الخبر، ولذلك والله أعلم لما قيل له: يا نبيء الله (بالهمزة) قال: «لست بنبيء الله؛ أنا نبي الله (1)»، فبين اختصاصه بنبوة العلو والرفعة، وتنزهه عن نبوءة النبأ والإخبار، الذي هو حظ من لا علم له بما نبئ به.
فلما علمه الله ما لم يكن يعلم كان (صلى الله عليه وسلم) نبي علو، لما انتهى إليه علمه إلى الغاية الجامعة المحيطة فكان العالم بالحق الأعلم بالله، كانت نبوة تماما، فكان النبي المكمل بما يشير إليه الدوم كلمة (ال).
فإذا أطلق اسم النبي اختص به هو (صلى الله عليه وسلم)، وإلا قيل: نبي بني إسرائيل، ونبي بني فلان.
فهو النبي المحيط النبوة، الذي كل النبوة من نبوته، السابق في النبوة، كما قال (صلى الله عليه وسلم):
«كنت نبيا وآدم بين الماء والطين (2)»، وهو (صلى الله عليه وسلم) النبي بما أوحى إليه ربه ما أوحى بلا واسطة ملق ولا مبلغ، المنتهي في النبوة إلى جمع علو السمع، والعين المنتهية إلى الوجد العلي الذي هو به نور كله، قلبه وقبره وشعره وبشره ولحمه وعظمه ودمه، حتى كان (صلى الله عليه وسلم) طاهر الدم طاهر جميع الفضلات بما هو نور كله، فهو النبي مطلقا في ذاته نور، وفى بيانه إنارة.
قال السبكي: أرسل للخلق كافة من لدن آدم، والأنبياء قبله بعثوا بشرائع معينات، فهو نبي الأنبياء، وأرسل إلى الجن بالإجماع وإلى الملائكة في أحد القولين، رجحه السبكي.
زاد المازري: وإلى الجمادات والحيوانات والحجر والشجر، وبعث رحمة للعالمين حتى
Page 137