وحديث: «فأخذ بحلقي (1)»: أي ضمني وخنقني، أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده بسند حسن.
وأما الكشف فأجمع العارفون بالله على إثباته كشفا وشهودا خلافا لمن أنكره مستدلا على إنكاره بطريق النظر والعقل، ثم هو عند من أثبته قسمان: قسم يشترط في إدراكه القوة المتخيلة، المتصلة بنشأة الإنسان، فلا يدرك إلا بها، ويذهب بذهابها، ويسمى مثالا مقيدا، ومثالا متصلا، وهو نوعان: نوع مقيد بالنوع، ونوع غير مقيد به، ولكنه مشروط بحصول غيبة وفتور ما في الحس، كما في الواقعات المشهورات للصوفية، وأول ما يراه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الوحي إنما هو الصور المثالية المرئية في النوم والخيال، ثم يترقون إلى رؤية الملك في المثال المطلق أو المقيد في غير حال النوم، لكن مع فتور في الحس.
وقسم لا يشترط فيه ذلك، أعني القوة المتخيلة، فيحصل بدونها، ولا يذهب بذهابها، ويسمى مثالا مطلقا، ومثالا منفصلا، وهو حضرة ذاتية قابلة دائما للمعاني والصور، فتجدها بخاصيتها لا يكون غير ذلك.
ومن هذا القسم الثاني وهو المطلق الصور المرئية في المرايا ونحوها من الأجسام الصقيلة، وتشكل الملك كجبريل (عليه السلام) بمثل صورة دحية الكلبي أو غيره، والأنبياء والأولياء بمثل أشكالهم العنصرية، وتصور الأعمال الصالحة بصور حسنة جميلة، والسيئة بصور ظلمانية قبيحة، والأنبياء والكمل أكثر ما يرون الأشياء ويشاهدونها في حضرة المثال المطلق، وكل ما يرى فيها لا بد أن يكون حقا مطابقا للواقع: أي للصورة الخارجية من غير اختلال، ومن ثم لا يحتاج فيها إلى تعبير بخلاف حضرة المثال المقيد، فشأنها أن يعبر عن الصورة الممثلة فيها إلى المعاني المقصودة منها، فمن ثم تحتاج إلى التعبير في الغالب، وهو الجواز من صورة ما رأى إلى أمر آخر، وهو المعنى المراد بها.
Page 134