يرون رؤيته ويرون خلفه وظهره (صلى الله عليه وسلم)، ولما ورثته (صلى الله عليه وسلم) في هذا المقام، وكانت لي هذه الحالة:
كنت أصلي بالناس بالمسجد الأزهر بمدينة فاس، قلت: وهو المعروف الآن بمسجد عين الخيل، قال: فإذا دخلت المحراب أرجع بذاتي كلها عينا واحدا، فأرى من جميع جهاتي كما أرى قبلتي، لا يخفى على الداخل ولا الخارج، ولا واحد من الجماعة حتى إنه ربما يسهو من أدرك معي ركعة من الصلاة، فإذا سلمت ورددت وجهي إلى الجماعة أدعوا أرى ذلك الرجل يجبر ما فاته فيخل بركعة، فأقول له: فاتتك كذا وكذا، فيتم صلاته ويتذكر، فلا يعرف هذه الأشياء، ولا هذه الأحوال إلا من ذاقها، انتهى منها بلفظها.
وفي نزهة الزاد وبغية الحاوي للعارف بالله القطب سيدي المختار بن أحمد الكنتي في الباب الخامس في بدء الوحي والإسراء ما نصه:
ثبت عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه لما حمل على الرفرف والتمع بصره جعل يرى بجميع بدنه، فيرى من أمامه كما يرى من خلفه، وكما يرى عن يمينه وشماله، وذلك بأن صار كله بصرا، فحينئذ تأهل أن يرى ربه لما أمده به من وضع يده بين كتفيه حتى وجد بردها على فؤاده، فعلم بذلك علوما شتى، ثم قطرت نقطة العلم على قلبه وفؤاده، فازداد علما على علم، انتهى المراد منه بلفظه.
وقال العارف الحفني في حاشيته على الجامع الصغير في الكلام على رواية: أتموا الركوع والسجود ما نصه:
قوله لأراكم أي: رؤية إدراك وكشف قلبي، فلا تتوقف على وجود البصر، ولا على وجود الضوء، فهو خرق للعادة.
قال: وهذا الإدراك حاصل له (صلى الله عليه وسلم) من حين رأى ربه ليلة الإسراء بعين بصره، وما قيل:
(كان له (صلى الله عليه وسلم) حدقتان في ظهره) رد بأن ذلك مشوه للخلقة، وقد كان سيدنا موسى يرى النملة السوداء في الليلة الظلماء مسيرة عشرة أيام، وقيل: فراسخ من حين كلمه الله تعالى، ثم قال: فذاك الإدراك ليس بحدقتين في ظهره، كسم الخياط لا يحجبهما الثياب، كما قال بعضهم فإنه لا أصل له؛ إذ هو مشوه، وليس هذا خاص بالصلاة انتهى.
Page 108