201

Anwār al-Nabī (ṣ) asrāruhā wa anwāʿuhā

أنوار النبي(ص) أسرارها و أنواعها

Genres

وقال تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [البقرة: 286].

فمن تفضيل ذلك أنه في أمور الطبع حجة على ذي طبع: غدر أو كذب كان عليه حجة بما هو حكم بشر في حكم البشرية، وآدمي في حكم الآدمية، ويشارك الخلق في ذات طباعهم مع علوه في رتبة أحمدية ذلك الطبع، فلذلك ألزم كافة الخلائق برسالته من حيث إنه في الطباع رسول بكرم طبعه، كما هو في الديانة رسول بعلو ديانته، كذلك هو في رتب المعقولات والنظر في الدلالات والتفكر في الآيات؛ فهو حجة الله على كل ذي عقل في عقله، وعلى كل ذي دين في دينه، وعلى كل ذي طبع في طبعه، كما هو كامل جامع، له في كل ما في الفطرة والجبلة علو الأحمدية لذلك، بوجد سنته (صلى الله عليه وسلم) وحلمه وأفعاله وأحواله في جميع تصرفاته الطبيعية والعقلية والدينية وجميع ما يشاركه فيه خلق منبئة ومظهرة لأعلى رتبة فيما فيه بادئها بين ذلة النفس إلى العزة بالله فما بينهما من الأحوال والتصرفات، فهو من حيث علو المشاركة في كل رتبة حجة على أهل تلك الرتبة بتنزله إلى كل رتبة وتحققه في أحمدية تلك الرتبة، فهو بما له من شكر العبادة حجة الله على كل عابد، وبما له من مزيد العلم وإحاطته حجة الله على كل عالم، وبما له من علو الإيمان حجة الله على كل مؤمن، وبما له من كمال الإسلام حجة الله على كل مسلم، وبما له من تمام الإحسان حجة الله على كل محسن، وبما له من صفاء الإيقان حجة الله على كل موقن، كذلك في جميع رتب الديانة، ولذلك هو (صلى الله عليه وسلم) في جميع الأحوال النفسية، فهو بخلقه العظيم حجة الله على كل ذي خلق وتخلق، كذلك في تفاضيل أحوال الأخلاق كلها من الصبر والشكر والرضا والطمأنينة وجميع الأحوال والأخلاق النفسانية، كذلك هو في الأمور الطبيعية في اقتناعه (صلى الله عليه وسلم) لنفسه ولآله بغير الوقت في مطعم أو مشرب أو ملبس أو مأوى، كما قال (صلى الله عليه وسلم ): «اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا (1)»، «اللهم اجعل رزق آل محمد كفافا (2)».

وكان (صلى الله عليه وسلم) بذلك حجة على جميع رتب الخلائق في بادئ خلقهم وباطن أمرهم.

Page 268