Anwār al-Nabī (ṣ) asrāruhā wa anwāʿuhā
أنوار النبي(ص) أسرارها و أنواعها
Genres
نبينا أفضل بالإطباق
من كل مخلوق على الإطلاق
فهذه أقوال أربعة، وهي وقفنا عليها لساداتنا العلماء (رضوان الله عليهم) في هذه المسألة، والأخير منها وهو الوقف أحوط وأورع وأسلم، والثالث بالتوسط أحسن وأبين وأقوم، والثاني بعدم الإحاطة لأحد إلا لله تعالى أجرى على ظواهر أكثر النصوص الشرعية وأوفق، بقاعدة سد الذرائع المرعية، والرابع بالإحاطة محتمل لوجوه:
أحدها: أن يريد قائله الإحاطة الحقيقية الكلية في كل شيء حتى في الذات العلية، وهذا هو محط التهويل والإنكار، ومحل اختلاف الأذهان والأفكار.
الثانى: أن يريد به الإحاطة المجازية الإجمالية دون الحقيقة التفصيلية، وهذا يرجع للقول الثالث.
الثالث: أن يريد به الإحاطة الإضافية باعتبار نوع أو جنس من الأجناس الكونية، إلا أنه لم يقع منه له بيان اتكالا على الأذهان، ولا بد حينئذ من معرفته؛ ليقع الحكم بحسبه على كليته، وإلا فهو كلام مجهول، لا يرجع منه إلى شيء محصول، ولكل أناس مشربهم، وكل وما اختار بحسب ما أودعه الله في قلبه من الأنوار.
قال تعالى: كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا [الإسراء: 20].
وقد بقي في المسألة قول آخر خامس لم يذكره أهل الظاهر، وذكره جماعة من الأفراد الأكابر، وهو أن علمه (صلى الله عليه وسلم) يحيط بجميع المكنونات، وسائر ما أوجده الله من الذوات، فالذوات من الأزل إلى الأبد عرشا وفرشا وما فوقهما وما تحتهما وما بينهما لا يشذ عن علمه شيء من ذلك، ولا ما يعرض له من ابتدائه إلى انتهائه، وأما الذات العلية وأوصافها وأسماؤها فما حصل له (صلى الله عليه وسلم) من العلم بها لم يحصل لبشر ولا مخلوق سواه، ولم يشم أكابر الأنبياء والرسل والمقربون من الملائكة رائحته، فضلا عمن دونهم.
وأما معرفة كنهها أو الإحاطة بها أو بشيء مما لها فليست لأحد أصلا، ولا مطمع لمخلوق فيها بوجه من الوجوه، ولا باعتبار من الاعتبارات، لا في الدنيا ولا في الآخرة،
Page 250