Anwār al-Nabī (ṣ) asrāruhā wa anwāʿuhā
أنوار النبي(ص) أسرارها و أنواعها
Genres
ويؤيده أيضا ما في الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي ونصه:
إن علم الأنبياء والأولياء إنما هو بإعلام من الله لهم، وعلمنا بذلك إنما هو بإعلامهم لنا، وهذا غير علم الله تعالى الذي تفرد به، وهو صفة من صفاته القديمة الأزلية الدائمة الأبدية المنزهة عن التغير، وسمات الحدث والنقص والمشاركة والانقسام، بل هو علم واحد علم به جميع المعلومات كلياتها وجزئياتها، ما كان منها وما يكون أو يجوز أن يكون ليس بضروري ولا كسبي ولا حادث بخلاف علم سائر الخلق. انتهى منها بلفظها أيضا.
وعليه فما ألزموه على القول بالإحاطة الحقيقية في علمه (صلى الله عليه وسلم) من حدوث علمه تعالى وغير ذلك لا يلزم.
وقد نقل غير واحد عن الأستاذ الكبير، والعارف الشهير الغوث الرباني، والهيكل الصمداني شيخ الإسلام على الإطلاق، وعلامة الزمان بالاتفاق شمس الدين أبي المكارم أبيض الوجه، محمد بن الأستاذ الأعظم، المجتهد المطلق، الولي المفسر، تاج العارفين، أبي الحسن محمد بن جلال الدين أبي البقاء محمد بن عبد الرحمن البكري الصديقي الشافعي المصري قطب دائرة السادات البكريين، وصاحب الصلوات النبوية التي منها صلاة الفاتح لما أغلق ذات الفضائل الجمة والحاوية لاسم الله الأعظم المولد ليلة الأربعاء ثالث عشر ذي الحجة ختام سنة ثلاثين وتسعمائة أنه ذكر أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يعلم جميع علم الله تعالى.
قلت: والأستاذ المذكور كان نظير الشيخ عبد القادر الجيلاني في عصره من حيث الناطقين في الخلائق، وقد أعلمنا به فعلمناه بحمد الله، انتهى المراد منه.
فتبين أن الذي لم يعلمه ولا يعلمه نبي مرسل ولا ملك ولا غيرهما هو القدر لا سره، والفرق بينهما أن القدر صفة نفسية للذات بها يتخصص المعلوم بما يكون عليه من الاستعدادات، فهو مما لا يمكن أن يعرف، ولا أن يطلع عليه أحد بوجه قط؛ لأنه لو عرف لعرف كنه الذات، وذلك محال، وسره ما هو عليه المعلوم في نفسه من الاستعدادات الثابتة في العلم، فهو مانع للقدر، وتحكمه هو حكمه في الأشياء وعليها بها: أي بما أعطته المعلومات مما هي عليه في نفسها، فهو مانع لعين الشيء الذي يحكم فيه، وعليه بما تقتضيه ذاته، وبذلك كانت لله تعالى على خلقه الحجة البالغة؛ إذ ما أعطاهم إلا ما طلبوه منه
Page 239