Anwār al-Nabī (ṣ) asrāruhā wa anwāʿuhā
أنوار النبي(ص) أسرارها و أنواعها
Genres
لما قال مقالته السابقة، وهي أنه (عليه السلام) كان يعلم كل شيء من السحر وغيره من غير شك.
نقل جوابه هذا إلى الشيخ نجم الدين الغزي السابق فغضب غاية الغضب وقال: إنه افتراها.
قال في «خلاصة الأثر»: وأخذ النجم يقيم عليه الحدود في درسه كل ليلة ويقول:
إنه إن أصر على ذلك كفر، ونطلب من أقرانه عمل رسالة على وفق مراده فامتنعوا من ذلك وقالوا: إنه أخطأ حيث قالها للعوام.
ومنهم من أحجم ولم يتكلم، وقال: قد وقع فيها خلاف وما رجحوا منها قولا ينقل، وطال التنقيب على هذه المسألة.
قال في «الخلاصة»: حتى ألف الشيخ أيوب الخلوتي المقدم ذكره في ذلك رسالة سماها «الصك الموفي على رقبة المنوفي»، وهي رسالة جامعة لكل منثور ومنظوم، فكف بعد المنوفي عن الدرس انتهى. راجعها في ترجمة المنوفي المذكور.
قلت: ولا أدري إنكارهم عليه هل هو من جهة نسبته إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) العلم بعلم السحر، أو من جهة ما تضمنه كلامه من أنه كان يعلم كل شيء، أو من جهتهما معا، فإن كان الأول فإنما يتوجه إنكارهم لو أراد أنه كان يعلمه بالتعلم من السحرة ونحوهم؛ إذ هذه رذيلة لا تليق باحاد المسلمين فضلا عن جنابه (صلى الله عليه وسلم)، وليس في كلامه ما يفيد هذا أو يشعر به، أما لو كان أراد أن الله تعالى أعلمه به وبكيفيته من جملة العلوم التي أعلمه إياها وأمده بها معجزة له- كما هو المتبادر من المقام- فلا إنكار.
وقد ذكر في «الفتوحات» في الباب الثالث والسبعين ومائتين أنه اطلع في جملة ما أطلعه الله عليه في بعض الحضرات على خزائن العلوم المهلكة، ورأى فيها علوما ما انشغل بها أحد إلا هلك من علوم العقل المخصوصة بأرباب الأفكار من الحكماء والمتكلمين، ورأى منها ما يؤدي صاحبه إلى الهلاك الدائم، وما يؤدي صاحبه إلى هلاك ثم ينجو غير أنه ليس لنور الشرع فيه أثر البتة من علوم البراهمة كثيرا، ومن علوم السحر وغير ذلك، قال: فحصلت جميع ما فيها من العلوم لتجنبها، وهي أسرار لا يمكن إظهارها، وتسمى علوم السر. انتهى راجعه.
وإن كان الثاني، فلا إنكار أيضا إلا إن كان يريد العموم الحقيقي اللازم منه مساواة
Page 232