فالواجب على من يدوس عتبة باب الملوك، وبساط انبساطهم لنيل المطالب، وتحصيل المواهب، وتيسر المناصب، أن يتحمل أنواع المشاق والمتاعب، ويتأدب بمحاسن المناقب، ومجامل المراتب، بالإقبال على الله تعالى في الحركات والسكنات والتجرد ***
ظاهرا وباطنا عن المخلوقات، والانقطاع عن العلائق، والتخلص عن المواثق، ومهما(1) ذكر المعصية جدد التوبة وكرر الأوبة؛ لأنه من حصول الذنب على معرفة، ومن الخروج عن عقوبته على شك وشبهة. ويكون بين الخوف والرجاء في كل حاله (2)، فلا ييأس، من رحمته وكرمه، ولا يأمن من سخطه بسبب حلمه، إذ لا يجوز للمرء أن يغتر بعلمه ولا بعمله، بل يعتمد على جود ربه وفضله.
قال ابن جماعة: ويغلط كثير من الناس فيحجون بيت الله طالبين لرحمته، بما قد يكون جالبا لنقمته، فيصرون على ارتكاب السيئات، ويبالغون في التباهي بالمحرمات، والتزين بالمكروهات، حتى ألبسوا الجمال الحرير والذهب، ونحو هذا من المنكرات، وما هكذا أمر الله أن يحج بيته الكريم، {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} (3).
Page 17