Annotations on Al-Aqidah Al-Tahawiyyah
التعليقات الأثرية على العقيدة الطحاوية
Genres
[عدم تكفير أهل القبلة بذنب]
٥٧- ولا نكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله (١)
_________
(١) ...أ) قوله ولا نكفر أحدًا من أهل القبلة.. إلخ، المراد بأهل القبلة هم الموحدون الله في عبادته؛ المخلصون له في معاملته، العاملون بمعنى كلمة التوحيد ظاهرًا وباطنًا، المصدقون لرسول الله في جميع ما أخبر به، الممتثلون أمره الذين لم يأتوا بما يناقض لا إله إلا الله، وإلى هذا المعنى أشار المصنف بقوله سابقًا ونسمى أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ما داموا بما جاء به النبي معترفين وله بكل ما قاله وأخبر مصدقين لأننا نعتقد أن المراد الإيمان الكامل المتضمن للاعتقاد والإقرار والعمل ومراد الشيخ ﵀ بهذا الكلام الرد على الخوارج القائلين بالتكفير بكل ذنب. (م)
ب) قوله (ولا نكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله)
مراده ﵀ أن أهل السنة والجماعة لا يكفرون المسلم الموحد المؤمن بالله واليوم الأخر بذنب يرتكبه كالزنا وشرب الخمر والربا وعقوق الوالدين وأمثال ذلك ما لم يستحل ذلك فإن استحله كفر لكونه بذلك مكذبًا لله ولرسوله خارجًا عن دينه أما إذا لم يستحل ذلك فإنه لا يكفر عند أهل السنة والجماعة بل يكون ضعيف الإيمان وله حكم ما تعاطاه من المعاصي في التفسيق وإقامة الحدود وغير ذلك حسبما جاء في الشرع المطهر وهذا هو قول أهل السنة والجماعة خلافًا للخوارج والمعتزلة ومن سلك مسلكهم الباطل فإن الخوارج يكفرون بالذنوب والمعتزلة يجعلونه في منزلة بين المنزلتين يعني بين الإسلام والكفر في الدنيا وأما في الآخرة فيتفقون مع الخوارج بأنه مخلد في النار، وقول الطائفتين باطل بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وقد التبس أمرهما على بعض الناس لقلة علمه ولكن أمرهما بحمد الله واضح عند أهل الحق كما بينا وبالله التوفيق. (ز)
ج) يعني استحلالًا قلبيًا اعتقاديًا، وإلا فكل مذنب مستحل لذنبه عمليًا أي مرتكب له، ولذلك فلا بد من التفريق بين المستحل اعتقادًا فهو كافر إجماعًا، وبين المستحل عملًا لا اعتقادًا فهو مذنب يستحق العذاب اللائق به إلا أن يغفر الله له، ثم ينجيه إيمانه خلافًا للخوارج والمعتزلة الذين يحكمون عليه بالخلود في النار وإن اختلفوا في تسميته كافرًا أو
=...منافقًا، وقد نبتت نابتة جديدة اتبعوا هؤلاء في تكفيرهم جماهير المسلمين رؤوسًا ومرؤوسين، اجتمعت بطوائف منهم في سوريا ومكة وغيرها، ولهم شبهات كشبهات الخوارج مثل النصوص التي فيها من فعل كذا فقد كفر، وقد ساق الشارح رحمه الله تعالى طائفة منها هنا، ونقل عن أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص - أن الذنب أي ذنب كان؛ هو كفر عملي لا اعتقادي، وأن الكفر عندهم على مراتب: كفر دون كفر، كالإيمان عندهم، ثم ضرب على ذلك مثالًا هامًا طالما غفلت عن فهمه النابتة المشار إليها، فقال رحمه الله تعالى (ص ٣٢٣) وهنا أمر يجب أن يُتفطَّن له، وهو أن الحكم بغير ما أنزل الله قد يكون كفرًا ينقل عن الملة، وقد يكون معصية: كبيرة أو صغيرة، ويكون كفرًا: إما مجازيًا، وإما كفرًا أصغر، على القولين المذكورين. وذلك بحسب حال الحاكم فإنه إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب، وأنه مخيَّر فيه أو استهان به مع تيقنه أنه حكم الله: فهذا كفرٌ أكبر. وإن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله وعلمه في هذه الواقعة، وعدل عنه مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة، فهذا عاص ويسمى كافرًا كفرًا مجازيًا، أو كفرًا أصغر. وإن جهل حكم الله فيها مع بذل جهده واستفراغ وسعه في معرفة الحكم وأخطأه، فهذا مخطيء له أجرٌ على اجتهاده، وخطؤه مغفور. (ن)
1 / 31