وأجداد هم القوم الكرام
إليك يا من فتحت بحسامك تروادة، بعد أن بلغ والدك الهمام من هكتور مراده، أتيت سفيرا من أمراء اليونان، أحمل إليك عتبا، وأرجو ألا يحمل على العدوان، وذلك أنهم يرون أن شفقة غير سديدة، حملتكم على حفظ بقية حرب شديدة ... أعني بذلك ابن هكتور ألد أعداكم، الذي جعلتموه في حماكم، وإن ذلك لمن العجاب. فكيف نسيتم هكتور وما حملنا من العذاب؟ لعمري إن شعبنا يتذكر ذلك البطل، وفي كل قلب منه وجل، وما من بيت إلا ويطلبه بثار، وما من يوناني إلا وفي قلبه منه نار، ومن يدري والغلام سر أبيه، ما عسى أن نعانيه منه ونلاقيه، فنراه بعد حين مهاجما مراكبنا، كما رأينا أباه داهما مواكبنا، وإني أخاف أن تكون عقبى اهتمامك به واعتنائك ملاقاة بلائك، وإن الحية التي تربيها، تجرعك السم من فيها، فدارك أمر غدرك قبل فوات يومك، وأبعد عنك عدوا يستنجد بك على قومك.
بيروس :
ما خلت أن مثل هذا الاهتمام يكون لهذه النازلة الصغيرة، وأن حضور ابن أغا ممنون الهمام يكون لهذه الحاجة الحقيرة، وأن قوما طار صيت انتصاراتهم وأخبار غاراتهم، يتنازلون إلى طلب صبي لا يعرف الحي من اللي، وكيف يزعمون أني أسلمه وفي بقية؟ أم أي سلطان لهم على أسير حصل لي بالقسمة الشرعية؟ وهل مددت إلى ما حصل لهم يدا أم عارضت منهم أحدا؟ وكيف يخافون تجديد سطوة هكتور وابنه في هذا النادي؟ والله لقد عز الصبر عن هذا التمادي، أم كيف يزعمون أن أهل تروادة يقصدون الانتقام بعد خلو بلدهم من رجال الصدام؟ وإني أتذكر حال تلك المدينة وما كانت عليه، وأرى الآن ما صارت إليه فإنها كانت سلطانة آسيا ومقام صناديد الرجال، ولم يبق بها الآن سوى بقية أطلال سقيت بدم الأبطال، وصبي في القيود والأغلال، وحيث كان قتل ابن هكتور ضربة لازب عند اليونان، فلماذا أخروه إلى الآن؟ ولم لم يقتلوه وهو في حضن بريام مع من قتل من أبطال قومه الكرام؟ وكيف يطلبونه حين لم يبق من قومه غير شيوخ وغلمان فقدوا الحامية الأنصار، وبات يروعهم هدو الليل وذكر الانتصار، وإني حين الحرب لم آل جهدا في المقاتلة، وعاملت المنكسرين بما اقتضت الحال من المعاملة، ولكني لا أرتكب فوق جرائري هذا الجرم الكبير، ولا ألطخ يدي بدم غلام صغير ما له نصير، لا ومن براه فليطمع اليونان في سواه، ويطلبوا في غير هذا المكان بقايا تروادة اليسيرة، ويعلموا أن الذي أنقذته تروادة تحميه أبيرة.
أورست :
ولكنك تعلم يا مولاي أن هذا الغلام لم ينج إلا بحيلة أمه، إذ بدلته بغلام دعته باسمه، أما اليونان فلا يطلبون البقايا التروادية، وإنما مطلبهم من ألحق بهم المصيبة والبلية، ويخافون أن يلاقوا منه هكتورا ثانيا بعد ما أورثهم هكتور الأول ضررا كافيا، وألحق بهم ما شاء الله من العناء، وربما حملهم طلب هذا الغلام على قصده وهو هنا.
بيروس :
أهلا بهم ليس المجال بعيدا
وأخو البسالة لا يخاف وعيدا
إن يقدموا فلقد تقدم ظلمهم
Unknown page