219

Anashid Rucat

أناشيد الرعاة

Genres

كان كايوس أسينيوس بوليو من أنصار قيصر المتحمسين، ومن مؤيدي أنطونيوس الذي نصبه في عام 41ق.م. نائبا عنه في غاليا ترانسبادانا عندما ساعد فرجيل على استرجاع مزرعته (انظر الأنشودة الأولى). وفي سنة 40ق.م. أصبح قنصلا واشترك مع مايكيناس في عقد معاهدة برنديزيوم مع أوكتافيانوس وأنطونيوس الذي جعل السلام أمرا يكاد يكون مفروغا منه بعد قرنين كاملين من الحروب الأهلية في إيطاليا. ولم يكن بوليو حليف الشعراء فحسب، بل كان هو نفسه شاعرا (انظر الأنشودة الثالثة)، ويعدد لنا هوراتيوس في أغنيته الثانية ألقابه كخطيب، ومؤرخ للحروب الأهلية، وكاتب تراجيدي.

كتب فرجيل هذه الأنشودة في أثناء قنصلية بوليو، وفيها يتنبأ بقدوم عصر من السلام والسعادة الريفية كالتي كان يتحرق قلب كل روماني شوقا إليها. ويصف لنا قدوم هذا العصر في جيل خاص. أما آراؤه بصدد هذا الجيل فمستمدة من ثلاثة مصادر؛ أولا: من الكتب السيبيلينية التي يظهر أنها قد نقلت نظرية أتروسكية تنبئ بتوالي عشرة أجيال أو فترات مدتها مائة وعشرة أعوام، حكم الفترة العاشرة منها أبولو. ثانيا: «نظرية الجيل العظيم» الذي ينتهي أجله عندما تصبح الأجرام السماوية في نفس الوضع الذي كانت عليه يوم خلقت، وبانتهائه يبدأ عصر جديد. وثالثا: رواية هسيود لأربعة عصور من الذهب والفضة والنحاس والحديد.

وإلى هنا يتضح كل شيء، غير أن فرجيل يربط بداية هذا العصر وانتشاره بميلاد طفل ونموه، فمن يكون هذا الطفل؟ لا شك في أن الجواب على هذا السؤال هو «طفل بوليو» إذ كان قد ولد له في ذلك الوقت طفلان يدعى أحدهما كايوس أسينيوس جالوس، وقد أصبح رجلا عظيم الشأن، ذكره أوغسطس على أنه الرجل الذي يأمل أن يخلفه. وهناك رواية تقول إن جالوس أخبر النحوي أسكانيوس بيديانوس، أنه حقيقة هو الطفل المذكور في الأنشودة، كما أن السطر الوارد فيها «ستسوس عالما يسوده السلام بخصال أبيك الحميدة.» لا يمكن أن يشير إلى شيء غير سلام معاهدة برنديزيوم التي عقدها بوليو.

ويقول الذين يعارضون هذه الفكرة إن اللهجة «سيحكم العالم» المستعملة لابن بوليو، لا بد وأن تكون قد أغضبت أوكتافيوس، ولكن بوليو عندما كان قنصلا، كان حاكما اسميا للدولة، ولم يكن أوكتافيوس حاكم روما المطلق بعد أوغسطس، وعلاوة على ذلك فإن لغة فرجيل غامضة عن قصد، وخيالية إلى حد كبير مما قد يسمح لأي حاكم ظالم أن يغض النظر عنها ويبيحها عن رضا، خصوصا وأنه في القول المذكور «سيرى آلهة وأبطالا» قد يدرك منه إشارة إلى شخصه وبلاطه.

ويجادل فريق آخر فيقول إن الطفل سينجب لأوكتافيوس نفسه، وكان قد تزوج حديثا سكريبونيا

Scribonia

ثم طلقها عام 39ق.م. فأنجبت جوليا

Julia

الذائعة الصيت، ولكن فرجيل بالرغم من ذلك، قصد أن يجعل هذه النقطة مبهمة.

كذلك إن أوجه الشبه بين لغة هذه الأنشودة وأنشودة إسحق مع ذكر الطفل الذي سيولد، قد أدى إلى اعتقاد راسخ بين المسيحيين الأوائل بأن أبيات فرجيل ليست سوى نبوءة مسيحية بطريقة خفية، ثم تغلبت هذه العقيدة في العصور الوسطى، وعبر عنها بوب الذي يسمى مسيحة «أنشودة مقدسة للرعاة على غرار بوليو لفرجيل». ويقول إن أنشودة الرعاة هذه قد اقتبست من نبوءة سيبيلينية بميلاد المسيح، ولكن بالرغم من وصول إشاعات غامضة عن آمال مسيحية، إلى إيطاليا من الشرق، فلا أساس مطلقا إلى الاستنباط من هذه الأنشودة الرعوية بأن فرجيل كان على معرفة بهم. أما وصفه للعصر الذهبي فلا يساعد على تمييزه من الأوصاف الأخرى لنفس الشيء؛ إذ كان هذا شائعا في العصور الغابرة.

Unknown page